صفاء عبد المنعم تكتب: سهراية مع مجدي الجابري 




صفاء عبد المنعم


عزيزي مجدي،  أكتب إليك الآن وقد مر تقريبا خمسة وعشرون عاما على فراقك!
لا تندهش كثيرا. 
الأيام أصبحت تمر كطرفة عين. 
هل تذكر جيدا يوم انتظرتك على محطة أتوبيس ٢٦ بالمظلات، أول يناير ٨٨؟
لقد انتظرتك منذ العاشرة صباحا وحتى الواحدة ظهرا. 
هل تصدق؟
كان لدي يقين أنك سوف تأتي، ولكن متى بالضبط؟
زهقت من الأنتظار ومن نظرات الواقفين نحوي،  وعندما جاء الميكروباص،  وأخذ السائق ينادي: مطرية،  مطرية. 
ركبت على مضدد،  وكنت أنظر طويلا نحو طريق الكورنيش،  لعلك قد تأتي،  أعتقادا مني أنك سوف تأتي من بيتكم فى أم المصريين بالجيزة. 
وتحرك الباص نحو شارع آخر جانبي. 
ورأيتك.
 أتيا بنفس الملابس التى كنت ترتديها بالأمس والسيجارة فى فمك والشنطة الثقيلة على كتفك. 
...
صرخت فى السائق  : وقف هنا يا أسطى.
وهبطت مسرعة أمامك بالضبط. 
(اللقى نصيب) نعم. 
تخيل لو أنني عاندت،  وقلت(يا كش يولع ) ولم أهبط من الباص. 
لقد تأخرت كثيرا.
أي فتاة أنا!
انتظرت رجلا لمدة أربع ساعات كاملة. 
...
هبطت لكي تكتمل المسيرة،  ولأعرف ماذا تريد؟
ولماذا طلبت لقائي؟
مع أننا لم نكن نرى بعضنا البعض بشكل منتظم، ولا يوجد بيننا أهتمامات مشتركة ولا أعرف كيف تفكر؟
...
كنت تأتي إلي ندوة المنشية الجديدة بشبرا الخيمة بشكل غير منتظم،  بصحبة الشاعر محمود الحلواني. 
يومها ألقيت قصيدة.
كنا فى عام ٨٤ تقريبا،  لم يهتم أحد بمناقشتها،  كانت مختلفة تماما عما يعرفون من شعر العامية. 
وعلق البعض على أنها (كتابة غريبة ) ولكن مبهرة ومحيرة. 
وانقطعت زيراتك للندوة بعدها مدة طويلة،  لقد كنت مثل( الخضر) تأتي، وتظهر على فترات متباعدة .
ولكن عندما نقلت الندوة إلي نادي بهتيم الرياضي،  أصبحت تأتي بشكل منتظم. 
لماذا؟
...
من أين جاء هذا الأنفتاح الروحي النادر بالنسبة لي،  فأنا لا صبر لدي،  وأصمت أكثر مما أتحدث،  ولكن معك كان الكلام هو الذي يأتي من مكمنه بلا توقف. 
عندما ذهبنا إلي نقابة المعلمين، وجلسنا فى الكافتيريا المطلة على النيل فى برج القاهرة،  أمام حديقة الأندلس،  أنطلق الكلام بيننا يسعى ويلتهم كل الصمت الذى مر فى حياتي من قبل!
...
تخيل. 
أجمل سنوات العمر هى الثورة
رغم المشاغل والأزمات والخوف من المجهول المرتقب،  ولكن مررت من تلك الأزمة بسلام نفس وضمير يقظ. 
...
فى يناير ٢٠١١ قامت ثورة. 
ولك أن تتخيل يا عزيزي ماذا حدث؟
فى المرة القادمة سوف أحكي لك أحداث عظيمة حدثت. 
والآن .
تصبح على خير. 

Post a Comment

أحدث أقدم