التنفس من ثقب إبرة - عن زراعة وحصاد ودراس محصول الأرز.
محمد الكاشف يكتب ويصور: التنفس من ثقب إبرة - عن زراعة وحصاد ودراس محصول الأرز، فن التصوير - بانوراما أدبية-نقد- فن كتابة القصة- فنون الكتابة- قصة قصيرة، شعر، رواية، مسرح، سينما، دراما، أفلام، أغاني، فنون، مقالات، دراسات، كتب، كتاب.
الهروب إلى البراح بالسياحة خلف شغف إلتقاط المشاهد الإنسانية حكمة، الفوز بها ملاذ للتنفس بعيدًا عن ضيق المدينة وقسوتها الخانقة التي حولت قاطنيها إلى غرف خاوية، مقفلة، بعد أن غسلت منها يديها في طست التنصل لتمسخ أرواحهم وتصلبها كل يوم على شواهد بوابات الدخول إليها.
بقلم وعدسة: محمد الكاشف
وللحق فإنه بمثابة ميكانيزم دفاعية قديمة، تمرين ألجىء إليه واستخدمه، في نضالي للتماسك كلما زادت عليّ وطأة ضغوط الحياة بتفاصيلها، فأسوأ ما يمكن أن يلاقيه المرء في تجربته الشخصية مع المدينة، الخذلان بعد الإنزلاق في نشوة الآمالي وعدم تحققها، إلا أنه وبمرور الوقت تمرست فيه على التوقع وسلوك طرق العابرين لأغزل منهم قميص أخضر يناسب جوع أنفاسي للعيش والتشبث به وقت الحاجة.
محمد الكاشف يكتب ويصور: التنفس من ثقب إبرة - عن زراعة وحصاد ودراس محصول الأرز، فن التصوير |
كنت ولازلت مُحمَلاً بعبء شعور الإغتراب المصحوب بعدم الإنتماء المكاني والزماني، للصدفة وقع فيّ من زمن بعيد ما وقع من اختلاج في نفس الأستاذ عطية عبد الخالق، الموظف البسيط في إحدى الهيئات الحكومية، والشخصية الرئيسية والمحورية في تحفة ورائعة العبقري الراحل محمد خان، فيلم خرج ولم يعد 1984، ومثله ثارت فيّ التساؤلات ولم أجد إجابة واحدة تريح قلبي مما هو فيه، أو حتى خيرية "خوخة" ليزهر معها مرة أخرى ما قد ذبل، فيا بخته!
دون حول مني، مثله، قادني الإنحياز للطين الذي غُرست فيه شجرتي وتفرعت منها غصوني، فهو مسألة لا تردد فيها، ملاذ لكل من هو مهتم بالحياة وفن الفوتوغرافيا، خصوصاً فن تصوير الحياة اليومية daily life photographyفي واقع ليس بعادل أو حتى محايد.
فالصورة الفوتوغرافية وثيقة قوية، تحاول استرجاع واستبقاء ما قد كان في ذاكرة الوعي الجمعي قبل فوات الأوان، ليُفتح من خلالها باب للأثر ممتد التأويل مع شخوص أبطالها، إذ ربما تُدرَك إمكانية استيعاب عوالمهم الغنية، فلم تعد كتابة التاريخ قاصرة على المؤرخين وحدهم، بل أصبح وعن حق للصورة الفوتوغرافية حضور كبير وسط سلطة التأثير والتوجيه أيضاً.
وما لا شك فيه هو كون فن البورتريه portrait رغم اختلاف وسائطه وأدواته يُشكل البعد الأول للسيميائية، كما قال الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز Gilles Deleuze، حول مفهومية الصورة الفوتوغرافية في كتابه "السينما"، ومنه يمكن الاستدلال على المعطي الواقعي، فهو خطاب مُشرِع للعلاقات البصرية، ومساحة تُستقى منها المفردات والتنويعات الجمالية التي يزرعها التكوين البصري.
وعلى هذا فإن الإنحياز يسهم بسلاسة في تقفي أثر المقاصد المضمنة في الصورة، بل ويساعد الذاكرة التاريخية والإجتماعية وتحوّلها وتقيدها، وربما من هنا وأنا أحاول مع هذا العالم الأخاذ، الذي سعيت فيه.
وإن كان الطعام غذاء الجسد، فإن الصورة الفوتوغرافية غذاء الروح، والشعر الذي لم أكتبه لكني رأيته، في ثنايا الحقول التي وهبتها الأرض للإنسان.
الأرز
فمن مقاطعة تشجاينغ الصينية على ضفاف نهر اليانغستي التي عثر فيها على بقايا أثرية للأرز وفقاً لموقع( geography في 2023/03/24 ) امتدت زراعة محصول الأرز منها حتى وصلت لحقول مصر، خصوصاً الدلتا والفيوم ليصبح اليوم الطبق الرئيسي على موائد طعام الأسرة المصرية.
تاريخ زراعة الأرز
في حقول هذا المحصول الذي ربح منه الوالي محمد علي باشا (1769-1849) ربحًا وفيرًا بعد أن احتكر زراعته في عام 1812م، وأدخل بسببه عملية الري الدائم في الدلتا، وفقاً لما قاله المؤرخ أحمد أحمد الحتة في كتابه "تاريخ الزراعة في عهد محمد على الكبير"، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في 2012.
وجدت سلوتي، أرواح أرادت الحصول على الرزق بالخير المُخلَق من توحد جب ونوت، آلهة الرخاء في الديانة المصرية القديمة.
محمد الكاشف يكتب ويصور: التنفس من ثقب إبرة - عن زراعة وحصاد ودراس محصول الأرز، فن التصوير |
جمال رائق، مُحمل بالحكايا، تركني في وداعة وذكاء فطري، أحتفظ ببعض من جوانب عملية زراعته وحصاده ومن ثم دراسه.
مواعيد زراعة الأرز
فمن منتصف شهر بشنس وحتى أوائل شهر بابه تُزهر المشاتل في الحقول المروية بالغمر، وتنتظر تجفيف أحواضها استعداداً للحصاد، الذي تبدأ بواكيره مع شهر توت، في بداية التقويم المصري القديم، إما يدويًا بالمناجل، أو آليًا باستخدام الكومباين، لتطولها بعد ذلك تروس السَرّاَتة -آلة الدراس والتذرية المصنعة محلياً- كي تجمع الأيدي العاملة في بهجة الحبوب على مُشَمّعَات لضمان نظافتها من العوالق الطينية، وتعبئتها فى أجولة يُفضل كونها جوت (خيش) لضمان التهوية الجيدة للحبوب أثناء التخزين، فيسلك الفرح طريقه المُعبَد منذ قديم الزمن في نفوس صافية، تجلب إلى العالم الضحكات والتنفس من ثقب إبرة، والذي رغبت منه في عدم العودة إلى التفاصيل الكئيبة للمدينة، إذ ربما يتحقق حلمي في العثور على خبز "خيرية" فأعيش.
محمد الكاشف يكتب ويصور: التنفس من ثقب إبرة - عن زراعة وحصاد ودراس محصول الأرز، فن التصوير |
فن التصوير
ما يلي من صور، محاولة توثيق صغيرة مصورة، تحكي الكثير من القصص بما فيها، لزراعة وحصاد ودراس محصول الأرز في ريف محافظات: الشرقية وكفر الشيخ والفيوم والذي بلغ إنتاجه نحو 4.2 مليون طن وفقاً لجهاز التعبئة والإحصاء في 2020/2021، الذي أصبح الحصول على كيلو معبأ منه مهمة عسيرة، في ظل ارتفاع أسعاره، وعدم توافره بصورة كبيرة في الأسواق المصرية، رغم الإكتفاء الذاتي من محصوله.
محمد الكاشف يكتب ويصور: التنفس من ثقب إبرة - عن زراعة وحصاد ودراس محصول الأرز، فن التصوير |
الصور للمبدع محمد الكاشف
إرسال تعليق