مي مختار تكتب: الحب والحياة في رواية " جدار الذاكرة" للكاتبة مني ماهر




هل يستطيع الإنسان البقاء على قيد الحياه بدون حب؟


وهل نحن من نسعي للبحث عن الحب ام الحب هو الذي يسعى للبحث عنا؟
نتفق جميعا أن الحب جميل الشكل والرائحة كالوردة تماما ولكن يعقبه وجعان، وجع القطف ووجع الشوك، وما اقسي ان تقع امرأه في حب رجل لا يبادلها الحب لتصبح هي الطرف الأضعف وتقتلها مشاعرها تماما مثل بعض الورود التي تأكل نفسها بنفسها.


" همس وحياة"، صوتان لفتاتان بحثتا عن الحب هروبا من الوحدة وبعد معاناة من الفقد في طفولتهم، " حياه"، هناك دوما ما يزاحم حبها لأمها اكثر من رجل بعد انفصال الاب، الام المتعطشة للحب فتبحث عنه في حضن اي رجل ولا يهم فارق السن، هي امرأه لا تطيق البقاء دون حب، و"حياه" خارج إطار حياتها دوما، تصادق الوحده وتلتزم الصمت وتلجأ للبحث عن الحب لدي رجل متزوج هو أيضا يبحث عن الحب الغائب في علاقته مع زوجته، لتنتهي العلاقه لفقده الذاكرة فتغيب عن ذاكرته، قبلت حياه ان تكون الثانيه في علاقتها به وبرضاها، في الحب الثانيه، في المشاعر الثانية، وفي الاهتمام الثانية، والمرأه لا تقبل ان تكون الثانية إلا بشروط تقبلها لأنها غارقه في الحب ومن هنا تبدأ التنازلات، هناك من تقبلها وهناك من ترفضها فتفشل العلاقة وقليلين من يرفضونها، الغالبية تقبل لان الحب يمثل لها الونس الذي ينتشلها من الوحدة.
" يحمل لها ورده حمراء كل يوم، صنعت عقدا من وروده الحمراء، خيط طويل يربط الكلمات، احتفظ به في كتاب قديم، كنت اعتقد ان كلماته لا تنتهي، لذلك تركت العقد مفتوحا"، هكذا توهمت "حياة" أن علاقتها بحبيبها "شكري" ستمضي دون متاعب، وهنا تفاجئنا الكاتبه بمشاعر حياة الموجعه بعد لقاء حياة بزوجة حبيبها في المستشفى فاقدا لذاكرته" عندما عدت الي بيتي، اغلقت خيط الورد بعقدة قوية لا يمكن فكها، لم يعد حبيبي هناك ".



" همس " بيت جدتها كان ملاذها الآمن بعد وفاة الام ليلحق بها الاب، ولكن طقوس جدتها العنيدة وخوفها الدائم على حفيدتها زرع بداخلها الخوف من الغرباء، ترفض همس البقاء مع جدتها وتنتقل لشقة ابيها، وهناك تعانق الوحده فتهرب الي عالم الفيسبوك عوضا عن الونس تختبأ خلف اسم مستعار بصورة لا تخصها، صائده للرجال، فقط لقتل الملل حتى يصيبها سهم الهوى فتقع في غرام رسام يجيد لغة الألوان والكلام، كلاهما يرتدي قناعا يحجب حقيقتهما الي ان يلتقيا للمرة الأولى لتعود بعدها لمنزلها امرأة أخرى عاشقة لعذب الكلمات والالوان واللوحات، تعود حاملة عطره في يدها، اصاب همس لعنة الحب.

في مرسمه الخاص رأت عشرات اللوحات لنساء جريئات وقعن في أسر ريشته، دخلن مرسمه بأرادتهن كما دخلت هي، لتصبح في نهاية العلاقه لوحة مصلوبة على الحائط



- هل تزورك في مرسمك امرأة غيري؟
   بطلات جديدات للوحاتك؟
- انتي بطلتي الوحيده

كانت " همس" تفقد صوتها في حضرة الحب ولكنها ام تدرك أن حبه وهم كاذب.
هناك علاقات محكوم عليها في البدايات بالفشل، العقل يرفض والقلب يقبل وينازع، ولكننا نقنع أنفسنا انها علاقات ناجحة او نتوهم ذلك، المحب دوما الطرف الأضعف لانه يعيش على أمل الوصول لقلب من يحب، فهل يستمر الحب من طرف واحد؟

الفقد والوحدة والظروف السيئة هي التي جمعت بين "همس وحياة"، التقيا هنا مع نهاية الرواية، " حياه" كانت تسعي للحب على حساب قلب آخر "زوجة شكري" تحطمه لتصعد على انقاضه بحثا عن الأمان المفقود منذ طفولتها، تلك هي الانانية في الحب.
اما " همس"، فضلت البحث عن الحب في شقة جدتها بعد وفاتها اتشارك الصور المعلقة على حائط الذكريات، تجلس على الكرسي الهزاز الخاص بجدتها تتمنى ان يغادر الجميع البراويز ليشاركوها وحدتها بعد غياب "نادر" عن حياتها.
وقفت في هذا العمل الرومانسي والإنساني عند نص صادق الكلمات " القلب الذي يوافق على كل الشروط المجحفة لينعم بالحب قلب اناني، لأنه يضلل روحه، لا يجب أن تكون قلوبنا سببا في ضعفنا، الحب مصدره قوه وإلا فليرحل بعيدا، سينحول الحب الي عبودية طالما أصبح من طرف واحد" وما اقسي ان يكون الحب من طرف واحد، يترك علامات الحزن في قلب المحب، لينزف وحده في صمت لعدم توافر نفس فصيلة الدم لتنقذه وتعيده للحياة فيغادرها.
" همس وحياه "، كلاهما منح للآخر حياه جديده بعيدا عن الحب، ليؤكدا ان الحياة يمكن ان تستمر ولا تقف عند قلب رجل.

مي مختار

Post a Comment

أحدث أقدم