د. كريمة الحفناوي تكتب: من وحى كتاب الذين قتلوا مى، للشاعر والمؤرخ شعبان يوسف


 

يناقش الكتاب الهام والقيم للشاعر والكاتب والناقد شعبان يوسف "الذين قتلوا مى" والصادر عن دار أخبار اليوم فى ديسمبر 2021 ظاهرة هامة منذ بدايات القرن العشرين، ومازالت مستمرة حتى الآن ونحن على مشارف العقد الثالث من القرن الواحد وعشرين، وهى كما يقول الكاتب فى مقدمة كتابه حالات الظلم والاستبعاد والتهميش والاستخفاف والتقزم المقصود والمتعمد للكاتبات والمبدعات العربيات فى عالمنا العربى، وفقا للمنظومة التى كانت سائدة ومازالت موجودة حتى الآن مما يعد اغتيالا معنويا لهؤلاء المبدعات ومنهم على سبيل المثال الأديبة باحثة البادية ملك حفنى ناصف، وعائشة التيمورية وأروى صالح ومديحة أبو زيد ودرية شفيق ونبوية موسى، والشاعرة والناقدة والروائية وصاحبة القلم الصحفى فى الصحافة النسائية


  عندما ترأست القسم النسائى فى جريدة السياسة الأسبوعية التى يرأس تحريرها آنذاك الدكتور محمد حسين هيكل واستطاعت أن تؤسس للقسم النسوى الاجتماعى بتاريخ 6 نوفمبر 1926، هذا بجانب صالونها الثقافى الأسبوعى الذى كان قبلة لكبار الأدباء والكتاب والشعراء والسياسيين.


وبحس الصحفى الاستقصائى استطاع الكاتب شعبان يوسف أن يثبت لنا كيف اختصركبار الكتاب الذين عاصروها حياتها فى أنها صاحبة الصالون الذى جذب العديد ممن أحبوها، والحديث عن حبها للشاعر جبران خليل جبران ومعاناتها فى أخر حياتها من أهلها ودخولها لمصحة نفسية وذلك فى اختصار مشين لحياتها كامرأة وأنثى فقط مع استبعاد مقصود لدورها فى إثراء الحياة الثقافية والنقدية والأدبية ودورها فى الصحافة النسائية.


وينهى الكاتب كتابه المنصف لمى زيادة وللمبدعات من النساء، بفصل عن السيدة الطبيبة والأديبة صاحبة المواقف الشجاعة للدفاع عن حق المرأة كاإنسان يتساوى مع الرجل وهى نوال السعداوى وماتعرضت له من قهر واستبعاد حتى رحيلها فى 21 مارس 2021 لينبهنا أنه مازال الاستبعاد والتهميش للمرأة المبدعة والمرأة بشكل عام موجودا ومتأصلا على مستوى العالم بنسب مختلفة من دولة إلى أخرى.


ولابد من أن أقول وأنا أوجه التحية والشكر للكاتب شعبان يوسف على كتابه الذى يضيف للمكتبة العربية قضية فكرية واجتماعية هامة،أن هذا الكتاب ذكرنى بما حدث معى منذ حوالى 4 سنوات عندما تمت دعوتى للحديث فى البرنامج الثقافى بالإذاعة فى الفترة المفتوحة على مدى ساعة ونصف للحديث عن المرأة المصرية فى 16 مارس وهو التاريخ الخاص بيوم المرأة المصرية والذى يوافق مشاركة المرأة المصرية فى ثورة 1919 واستشهاد 7 سيدات مصريات برصاص عساكر الانجليز فخرج الشعب المصرى رجالا ونساءً لتشيعهن فى جنازة مهيبة فى هذا اليوم.


وعندما أردت معرفة المزيد عن هذا اليوم وعن السيدة هدى شعراوى وزميلاتها ومسيرة نضال المرأة المستمرة ضد الاستعمار ومن أجل الدفاع عن قضايا المرأة والمجتمع ومنها المساواة والمواطنة وعدم التمييز، وحق التعليم، والترشح، والانتخاب، وجدت أن التاريخ والبرامج الإعلامية المسموعة والمرئية تركز على اسم أواسمين أو ثلاثة وعلى رأسهم السيدة هدى شعراوى والتى لاننكر دورها فى التصدى للقضايا الوطنية وقضية فلسطين العربية وقضايا المرأة وأيضا إنشاء ورئاسة اتحاد نساء مصر 1924 ولكن يوجد عدد كبير من السيدات اللاتى تصدرن مسيرة كفاح المرأة المصرية وللأسف لايتم القاء الضوء عليهن والكتابة عنهن بنفس القدر.


وفى هذا المقال سأتناول الحديث عن مشاركة المرأة المصرية فى الكفاح ضد الاستعمار وضد العدوان على مصر، سأحدثكم عن زينب الكفراوى (التى رحلت عن عالمنا منذ سنتين).


سأحدثكم عن عاشقة الوطن الفدائية البورسعيدية زينب الكفراوى والتى انضمت لصفوف المقاومة الشعبية التى عمت مدن القناة عقب العدوان الثلاثى (إنجلترا وفرنسا وإسرائيل) على مصر فى أكتوبر 1956 عقب قرار تأميم قناة السويس فى 26 يوليو 1956  من أجل تمويل مشروع بناء السد العالى بأموال مصرية وبنائه بسواعد المصريين وواجه الفدائيون فى مدن القناة العدوان بكل شجاعة دفاعا عن وطنهم وأرضهم وقناتهم التى حُفِرت بأيد مصرية وسقط فيها أثناء الحفر 120 ألفا من المصريين، لقد انتصر الجيش المصرى بمشاركة ودعم كتائب المقاومة الشعبية من النساء والرجال والشباب والأطفال ودحر العدو فى 23 ديسمبر وحقق النصر العظيم.


انضمت ابنة بور سعيد الباسلة إلى المقاومة الشعبية للاحتلال البريطانى فى سن صغيرة ولعبت دورا شجاعا وهى لم تتجاوز السابعة عشر من عمرها فى حرب 1956 حين أراد رجال المقاومة نقل أسلحة وذخائر من مكان سرى إلى تجمعهم فى مكان آخر فما كان من تقدم الفدائية زينب الكفراوى لهذة المهمة الخطرة وذهبت مع أبطال المقاومة إلى المخبأ السرى وحملت عدد من القنابل والأسلحة ووضعتها أسفل عربة أطفال ووضعت فوقها مرتبة للطفل وأحضرت طفل رضيع وهو ابن أختها وسارت به من أمام كمين للضباط الإنجليز بأعصاب حديدية وبكل شجاعة وأكملت المهمة وأوصلت السلاح للفدائيين.  كما شاركت فى تخبئة ضابط انجليزى تم اختطافة خبأته حتى لايعرف مكانه العدو من أجل أن تساوم كتائب الفدائيين به جنود العدو.


 كل التحية للمرأة الشجاعة الجسورة الفدائية ابنة بور سعيد زينب الكفراوى التى رحلت عن دنيانا منذ سنتين تحية لروحها مع الشهداء والشهيدات وأمانة عليك أمانة يامسافر بور سعيد ..أمانة عليك أمانة لتبوسلى كل إيد ..حاربت فى بور سعيد.


ودعونى أحكى لكم عن راوية عطية والتى كانت أول ضابطة إتصال فى جيش التحرير عام 1956 وقامت بتنظيم صفوف المرأة وتدريبها على استعمال أنواع السلاح وعلى فنون التمريض كما سافرت بعد هزيمة 1967 إلى الجبهة وكونت (لجنة المعركة) من خمس عشرة سيدة لاستقبال الجنود العائدين من سيناء عبر الصليب الأحمر الدولى وقامت بزيارة الجبهة أثناء حرب الاستنزاف وحتى حرب السادس من أكتوبر لرفع معنويات القوات المسلحة كما كان لها دور كبير فى زيارة أسر الجنود وأسر الشهداء ودعمهم.


وكان للسيدة راوية عطية دور سياسى عندما ترشحت لانتخابات مجلس الأمة عام 1957 بعد إقرار دستور 1956 بحق المرأة فى الترشح والانتخاب، وخاضت المعركة الانتخابية ضمن 8 سيدات مصريات ونجحت راوية عطية عن دائرة الجيزة والسيدة أمينة شكرى عن دائرة شرق الأسكندرية وكانتا أول امرأتين تدخلا للمجلس. 


كل التحية للمرأة المصرية فى جميع المجالات، وكل التحية لمن يدعمونها إيمانأ منهم بأن المجتمع ينهض ويسمو ويعلو بجناحين هما المرأة والرجل.

دكتورة كريمة الحفناوى.

Post a Comment

أحدث أقدم