نحن الوحيدون في عالم الوعي بلا وعي..

خاتمة من كتاب "حق الاختلاف ـ والمسكوت عنه فى الثقافة المصرية"


 للكاتب والفنان التشكيلي مجاهد العزب


لوحة الفنان التشكيلي مجاهد العزب.


ولنكن صرحاء..
فأسئلتنا كمصريين وُلدنا فوق هذه الأرض، وارتوينا من مائها الذي لن ينضب، وعرفنا قدْرها الذي لن يسقط أو يهتز، كل الأسئلة مشروعة واضحة الإجابات، لا تحتاج إلى جهْد أو تعَب أو مراوغة والتفاف، تعبنا وتاهت أهدافنا، وتشعَّبت سُبلنا على مدى سنوات، بل قرون، من الانحطاط والتراجع - راجعوا التاريخ - أوَ ليس لمصريتنا الأولوية؟ بعيدًا عن تلك الخرافات وتهميش العقل، وإلغاء المنطق، وضياع الهوية؟!

مصر التي أرست دعائم حضارتها من قبل عام 3000 ق. م "بتنمية حضارة متجانسة، وكان ذلك ما يُسمى بحضارة نقادة الأخيرة أو نقادة الثانية، التي اشتُهرت بمدافنها وأدواتها وفخارها وفنها التشكيلي، وكانت تمتد من الفيوم جنوبًا خلال مصر الوسطى ومصر العليا حتى النوبة، وكانت مصر السفلى بما فيها الدلتا قد بلغت درجة من الحضارة لا سبيل إلى تحديدها عن يقين وإن بدا أن مستواها الحضاري لا يقل عما كانت عليه في مصر العليا، على أن بداية التاريخ المصري المسجل من العام 3000 ق.م إنما يدل عليه حدثان حاسمان: اختراع الكتابة؛ أي تطوُّر الصور إلى علامات صوتية، ثم اتحاد مصر السياسي باسم "مملكة مصر العليا ومصر السفلى"، ولقد وقعت هذه الأحداث في وقت واحد مع منجزات أخرى عظيمة جعلت الفترة حول عام 3000 ف.م من أبرز عصور التاريخ، ثم أقيمت دعائم الإدارة في الدولة التي طغى امتدادها على أي مجتمع سابق في مصر، فحلَّ تقويم دائم من 365 يوم محل تقويم الفلاح القمري من أجل الأغراض الإدارية، ووصلتنا بعض الوثائق القانونية التي ترجع إلى حوالي عام 2800 ق.م، وأُرِّخت مذكرات أحد الجراحين وبحثان طبيان بشيء من اليقين حوالي عام 2500 ق.م، واخترعت عجلة الفخراني حوالي عام 3000 ق.م، وتجمعت عناصر التقويم في العاصمة عين شمس في منطقة القاهرة اليوم، وفي المقر الملكي "منف" على الضفة اليسرى للنيل قبالة عين شمس، فكان أن دفَع ذلك التركيز إلى تشكيل الحضارة المصرية ودخل البناء إلى حيز الوجود، فبدت الخصائص الواضحة أولا في أعمال العمارة والفن كما بدت في أدوات الاستعمال اليومي، وفضلا عن ذلك كما سنرى، فقد خلقت الأساطير المصرية نتيجة لوحدة البلاد السياسية. 

لم تكن تلك فترة البدائيين من الناس، فإن القول بأن تغييرًا نوعيًا لأسلوب التفكير الإنساني من عقل "سحري" أو "سابق على المنطق" أو "أسطوري شِعري" في الماضي إلى عقل منطقي عِلمي في عصرنا إنما يفتقر إلى التأييد بفضل تاريخ مصر، فلقد اتضح أن الطب في الألف الثالث ق.م قد مضى بغير السحر، وذلك نقيض الالتجاء إلى السحر في وصفات الألف الثاني، ولم يظهر أن نبوءات الآلهة قد تدخلت في تطبيق القانون المنطقي قبل حوالي 1500 ق.م حقيقة أن قانون "لا تلمسني"؛ الذي يتعلق بالتجسد الحي لأحد الآلهة كان قائما حوالي عام 3000 ق.م، كما كان بعد ذلك بآلاف ثلاثة، على أن الأهرام مع ذلك لم تُشيد بوسائل السحر وإن كان أساس الهرَم قد أُرسى في احتفال مهيب بشعائر سحرية، غير أن لا سحر في بنائها الفعلي فقد كانت كتل البناء تُعد بأدوات من حجر ونحاس ولم يُستعمل سوى الإحدور والعتلة لرفْعها إلى علُو أربعمائة وخمسين قدمًا. 

إن الأساس الحاسم في استعمال المصري الأول للمنطق والعقل، أنهم أنجزوا الكثير على الرغم من افتقارهم إلى الأدوات المادية والفكرية التي تتاح لنا بعد 5000 عام من التطور، وكما ذكرنا من قبل فإن عدد تلك الكائنات في بيئة الإنسان التي لا سبيل إلى إدراكها بالمنطق والعقل، قد كان بطبيعة الحال أعظم بدرجة يستحيل تصورها بالنسبة للمصريين عما هي بالنسبة لنا، ومهما يكن من شيء فليست كمية المعرفة هي التي تقرر كيفية الفكر، ويبدو أن الأساس الضروري لذكاء الإنسان إنما يكون مسألة ما إذا كان أو لم يكن مدركًا لحدود معرفته، ذلك أن عليه أن يعرف مكانه الصحيح بالنسبة للعقل وبالنسبة للإجلال، ومع كل ما قيل وما صُنع فإن التاريخ المصري يوحي بأنه في حوالي عام 3000 ق.م في مصر كان "العقل السحري" و "العقل المنطقي"؛ أي أن أساليب الدين والمنطق في التفكير قد كانا أفضل توازنا مما كانا عليه حوالي عام 1000 ق.م، سواء في مصر أو في عالمنا الحاضر، لقد استخدم المصريون الأقدمون المنطق بأعلى درجة حين استدعى ذلك، كما أنهم قدسوا ما كان بعيدًا عن فهمهم."(77)

نعم ولِمَ لا؟ لِمَ لا يكون الجمع بين الدين والعِلم والمعرفة المنفتحة في آن؟ والفن، أيُّ فن - وكل إبداع جاد هو فن - وُجد لمخاطبة الوجدان متفاعلًا معه، دافعًا نحو الارتقاء والسمو، مضيئًا كاشفًا له مناطق العتمة نحو حياة فاعلة أكثر إيجابية وانخراطًا وألفة وفهْمًا للحياة داخل الجماعة البشرية، أو لنقُل كما قال أفلاطون: "إن الفن لا ينبغي أن يقتصر على محاكاة الطبيعة المادية وحدها؛ بل يجب أن يكون انطلاقًا نحو التجربة الميتافيزيقية؛ لكي يتيح للمشاهد أن يدنو من "الفكر الإلهي"، الذي إليه خلق المادة وخلق الهِبة، التي يستطيع بها الفنان أن يفيض الروح فيما يصنع."(78) 
وعودة إلى فكرة المواجهة المباشرة الفاعلة بين المبدع والمتلقي، وكيفية تحقيقها على الوجه الأكمل، دون حاجة لجهد أو إعداد أو تكلفة مادية تعيق هذا التلاقي، وفي ظِل تقاعص دور النشر الأهلية والحكومية، وندرة تعريف طلاب المدارس والمناهج التعليمية بحركة الفنون والآداب المصرية وتطورها وتنويعاتها - راجع مناهجنا وبعدها عن المصرية - كما عجزت عن تقديم حقيقة التاريخ المصري وتراكُمه المعرفي والثقافي عبْر عصوره المختلفة ومكونه الاجتماعي ووحدة عناصره، للدرجة التي أصبح معها المبدع كمن يصرخ في الفراغ، إضافة لتغييب العقل والمنطق وازدياد سبل الخرافة والكذب والادعاء، لتنفصل الأجيال عن جذورها والمتابعة الجادة والبناء عليها. 

أضف لما سبق، ما تحدثنا عنه من استخدام الانترنت والتصفح المباشر وإتاحة العديد من مواقع المعرفة والتواصل، كما اتاح المزيد من المكتبات الرقمية المؤهلة للبحث والاحتفاظ بالكتب النادرة، والتي تصل في مجموع أرقامها إلى ما لا تستطيع مكتبة ورقية إتاحته، وإلى مكتبات الموسيقى والأغاني والأفلام والوثائق والصور وسهولة الحصول عليها والاحتفاظ بها في الأدراج، ناهيك عن ندرتها بالأساس، والعديد أيضا من الموسوعات العِلمية والتقنية ومركز البحث ومحطات البث المباشر، وآخِر ما توصلت إليه البشرية من بحوث وعلوم ودراسات وتعليقات وأخبار... إلخ
بلا حساب، ومنها الكاذب والملفق وحامل الغرض والتوجه والخلط والتشويه والإحباط والهدم وتزييف التاريخ، بلا رقيب. عالم واسع لا متناهٍ من المعارف والعلوم والثقافة المفتوحة جبرًا مع استحالة الحد منها أو المراقبة والتقنين والحظر، وبعد؟! فما لنا بكل هذا الهراء ونحن خير أمة؟

أمة تحيا على الخرافة والمبالغة والتهويل بكل معانيه، هو انتحار ذهني بلا شك، فهناك "قتلة ناشئون حول العالم يريدون قتلك وقتلي وقتل أنفسهم، مدفوعون بما يؤمنون بكونه المثل الأعظم، من المؤكد أن الشئون السياسية ذات أهمية، العراق، وفلسطين، وحتى الظلم الاجتماعي في (برانتفورد) بريطانيا؛ لكن حين ننظر إلى ذلك التحدي العظيم لقِيمنا المادية، علينا ألا ننسى المشكلة الكبرى، مشكلة تدعى "الدين". 
الانتحاري على قناعة أنه حين يموت في سبيل ربِّه بأنه سيُبعث إلى جنة خُصصت للشهداء، هذه المشكلة لا تقتصر على الإسلام وحسب، في هذا البرنامج أريد مناقشة هذا التهديد الذي تتشارك في حمله المسيحية واليهودية أيضًا، عملية اللا تفكير التي يسمونها عقيدة."
هكذا يقول ريتشارد دوكنز، الأستاذ بجامعة أكسفورد في برنامج له تحت عنوان "أصل الشرور" 
ديننا يهدد العالَم؟!

إذًا هي عملية تخص اللا تفكير وليس الدين بذاته.. لقد منعَنا هؤلاء الحمقى من استخدام العقل، فصرنا قطعانًا على شاكلتهم، يناطح بعضنا بعضا ونُساق بكل الرضا إلى المذابح دنيا وآخِرة. 
لا أوافق ما وصل إليه "دوكنز" من نقد الدين إجمالا أو السخرية من مقدس، ذلك بالضرورة واليقين، لكنني أُورده هنا للدلالة على ما وصلنا إليه من إلغاء المنطق والعقل المفكر المبدع. 
يقول أيضًا:
"حسبت أن العقل انتصر في حربه ضد الخرافة، ولكن من المذهل أن ترى الرعية المخلصة في (لورد) في حجها، أنها ليست رعية خبيثة لكنها تدعم نظامًا عقائديًا رجعيًّا وأومن بوجوب تصدي العقل له. 
يظهر هذا المقام أن العذراء مريم التي أنجبت ؟ ظهرت في هذا المكان لفتاة فقيرة طيبة القلب، المؤمنون يحجون هنا لأنهم يؤمنون أنهم قد يشفوا من أكثر ألأمراض خطورة بالغطس في مسبح المياة حيث قامت مريم العذراء بظهورها الإعجازي."

تذكرت للحظة حين سماعه، ما كتبه الأستاذ يحيي حقي في "قنديل أم هاشم" محذرًا منذ أكتر من نصف قرن؛ إنه زيت القنديل كذلك الذي أصاب أهالينا بالعمى، ولم يفلح معهم العِلم والطبيب الدارس!
ثم يكمل:
"يؤمن الكاثوليك بأن القديسة مريم كانت في غاية الأهمية لدرجة أنها لم تمت جسديا، بل صعد جسدها إلى السماوات حين وصلت حياتها إلى النهاية الطبيعية، وبالطبع ما من دليل على هذا، حتى الإنجيل لا يذكر شيئًا عن وفاة مريم، الاعتقاد ببعث مريم نشأ في الواقع بعد وفاة يسوع بستة قرون، اصطُنع كأيَّة أقصوصة، وانتشر من خلال آحاد الناس، ولكنه إرث ثابت، وتم توارثه مع مرور القرون، والفريد فيما يتعلَّق بالموروثات هو أن الناس تأخذها بجدية أكثر كلما مَر الزمن، وكأنما يحول الوقت أسطورة إلى واقعة مع مرور الوقت. 
مع الوصول إلى عام 1950 أصبحت تلك القصة في غاية الأهمية حتى أنها أصبحت حقيقة رسمية وحكاية ذات سند، أمرَ الفاتيكان بأنه على الكاثوليك أن يؤمنوا بقصة بعث مريم، الآن إن سألت البابا باياس الثاني عشر كيف عرَف أن تلك القصة حقيقية؟ فسيخبرك بأن عليك أن تصدق لأن الله هو من أوحى إليه بتلك الفكرة. 
عزل نفسه لفترة وبقي يفكر في تلك القصة، تداوَلها في داخل ذهنه فحسب، وأقنع نفسه بناء على وسائل فقهية بحتة بأن القصة هي كما يراها. 

لا شيء من هنا قد يبدو ضارًا حين يكون الحديث عن بعث جسد مريم، ولكن ماذا عن وجهات نظر البابا حين يتعلق الأمر على سبيل المثال بتحريم استخدام الواقي الذكري في أفريقيا الموبوءة بالإيدز؟
في تلك الحالة تكون سُلطة الكنيسة القائمة على الوحي والتقاليد والتسلط تأتي على كلفة إنسانية باهظة؛ سيكون من غير العدل أن ينقد الكاثوليك فقط، جميع الديانات قائمة على نفس الخدَع، قد يكون هذا أيضا في فتاوى الأئمة المسلمين، فهو نفس المبدأ، إنها تصدر من أرباب السُّلطة ثم تنحدر من خلال المراتب إلى الآباء والأبناء وجميعها بدون حتى ذرات من البراهين."(79)
وإليكم المزيد:
من كتاب "قصص الأنبياء، المسمَّى بعرائس المجالس" للنيسابوري:
"قال قتادة: ذُكر لنا أنه كان لا يفتح متاعًا ولا ينظر في وعاء أحد إلا استغفر الله تعالى مما قذفهم به، حتى لم يبقَ إلا الغلام، فقال: ما أظن أن هذا الغلام أخذ شيئًا، فقالت إخوته: والله ما نتركك حتى تنظر في رحْله؛ فإنه أطيب لنفسك ولأنفسنا، فلما فتحوا متاعه استخرجوا الصاع منه، فلما أخرج الصاع من رحْل بنيامين؛ نكَّس إخوته رؤوسهم من الحياء، ثم أقبلوا على بنيامين فقالوا: إيش الذي صنعت بنا وفضحتنا وسوَّدت وجوهنا يا ابن راحيل لا يزال لنا منكم بلاء؛ أخذت هذا الصاع، فقال لهم بنيامين: بل بنو راحيل الذين لا يزال لهم منكم بلاء، ذهبتم بأخي إلى البرية فأهلكتموه، إن الذي وضَع الصاع في رحلي هو الذي وضَع الدراهم في رحالكم، ثم إنهم قالوا ليوسف: إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل، وهذا هو المثل السائر: عذره شر من جرمه. 

واختلف العِلماء في السرقة التي وصفوا بها يوسف، قال سعيد ابن جبير وقتادة: السرقة التي وصفوا بها يوسف أنه سرق صنمًا لجده أبي أمه من ذهب، فكسره وألقاه في الطريق، وقال ابن جريج: أمرته أمه وكانت مسلمة أن يسرق صنمًا لخاله من ذهب فأخذه وكسره، وقال مجاهد: جاء سائل يومًا فسرق يوسف بيضة من البيت وأعطاها السائل، وقال ابن عيينة: دجاجة فناولها السائل فعيَّروه بها، وقال وهب: كان يخبِّئ الطعام من المائدة للفقراء، وقال الضحّاك وغيره: كان أول ما دخل على يوسف من البلاء أن عمته بنت إسحق كانت أكبر ولد إسحق، وكانت منطقة إسحق عندها، وكانوا يتوارثونها بالكِبَر، وكانت راحيل أم يوسف ماتت فحضنته عمته وأحبَّته حبًا شديدًا وكانت لا تصبر عنه، فلمَّا ترعرع وبلغ سنوات؛ وقع حبه في قلب يعقوب فأتاها وقال لها: يا أختاه سلِّمي إليَّ يوسف، فوالله ما أصبر عنه ساعة واحدة؛ فقالت له: ما أنا بتاركته، فلما ألحَّ عليها يعقوب؛ قالت: دعه عندي أيامًا أنظر إليه لعل ذلك يسليني عنه؛ ففعل ذلك، فلما خرج يعقوب من عندها؛ عمدت إلى منطقة إسحق فحزمت يوسف بها تحت ثيابه، ثم إنها قالت: فقدتُ منطقة إسحق، فانظروا من أخذها، فالتمست فلم توجد، فلما فتشوا أهل البيت؛ وجدوها مع يوسف، فقالت: والله إنه ليسلَّم لي أصنع فيه ما شئت، وكان ذلك حُكم آل إبراهيم في السارق، فأتاها يعقوب، فأخبرته بذلك فقال: إن كان هذا فهو مسلَّم لك لا أستطيع غير ذلك، فأمسكته بعِلة المنطقة فما قدَر عليها يعقوب بأخذه منها حتى ماتت، فهو الذي قال إخوته: "إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرَّها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانًا والله أعِلم بما تصفون"

قال الرواة: لما دخلوا على يوسف واستخرج الصواع من رحْل بنيامين دعا يوسف بالصاع فنقره ثم أدناه من أذنه، ثم قال: إن صاعي هذا ليخبرني أنكم كنتم اثنَي عشر رجلًا وأنكم انطلقتم بأخ فبعتموه، فلمَّا سمع بنيامين ذلك؛ قام فسجد ليوسف، وقال: أيها الملك سَلْ صواعك هذا عن أخي، أحيٌّ هو؟ فنقره ثم قال له: حيٌّ وسوف تراه، فقال بنيامين: اصنعْ بي ما شئت فإنه إن علم بي سوف يستنقذني، قال: فدخل يوسف إلى منزله ثم إنه بكى وتوضأ فقال بنيامين: أيها الملك إنى أريد أن تضرب صواعك هذا ليخبرك بالحق من الذي سرقه، فجعله في رحلي؛ فنقره ثم إنه قال: إن صاعي غضبان وهو يقول كيف تسألني عن صاحبي الذي سرقني، وقد رأيت مع من كنت. قال: وكان بنو يعقوب إذا غضبوا لم يطاقوا، فغضب روبيل وقال: إيها الملك والله لئن لم تتركنا وتترك أخانا لأصيحن صيحة لا يبقى في مصر امرأة حامل إلا ألقت ما في بطنها، وقامت كل شَعرة في جسده فخرجت من ثيابه، وكان بنو يعقوب إذا غضبوا ومَس أحدهم الآخَر ذهب غضبه، فقال يوسف لابنه: قم إلى جنب روبيل ومِسه، فقام الغلام إلى جنبه، فمَسه؛ فسكن غضبه، فغضب روبيل وقال: أيها الملك لا تذكر يعقوب فإنه إسرائيل الله بن إسحق نبي الله ابن إبراهيم خليل الله، قال يوسف: أنت إذًا أن كنت صادقًا صادق. 

فلما أراد يوسف أن يحتبس أخاه عنده ويصير بحكمه وأنه أولى به منهم واحتبسه ورأوا أن لا سبيل لهم إلى تخليصه منه سألوه أن يخليه لهم ويعطوه واحدًا منهم بدله"(80)
وفي موضع آخَر من نفس الكتاب، يقول عن النبي موسى: 
"قالوا: ولما صعد موسى الجبل لمناجاة الله تعالى صار الجبل عقيقًا، فلما نزل موسى عنه عاد إلى حالته الأولى، فلما رجَع موسى شيَّعته الملائكة وكان قلب موسى مشغولًا بولده، وأراد أن يختِّنه فأمر الله تعالى ملكًا فمد يده ولم تزَل قدمه عن موضعها حتى جاء به الملَك ملفوفًا في خرقة وناوله إلى موسى، فأخذ حجرين فحك أحدهما بالآخَر حتى حده كالسكين من الحديد فختن به ابنه، ثم أن الملَك عالج المقطوع من المختون فتفَل فيه فبرأ من ساعته بإذن الله تعالى، ثم إن الملَك ردَّه إلى موضعه الذي جاء به منه ولم يزل أهل موسى مقيمين في ذلك المكان لا يدرون ما فعل موسى حتى مَر بهم راعٍ من أهل مدين فعرفهم فاحتملهم وردَّهم إلى مدين فكانوا عند شعيب حتى بلغهم خبَر موسى بعدما فلَق البحر وجاوزه ببني إسرائيل وأغرق الله فرعون فبعث بهم شعيب إلى مصر لموسى، قالوا: وخرج موسى من فوره ذلك لما بعثه إلى مصر لا عِلم له بالطريق، وكان الله تعالى يهديه ويدله وليس معه زاد ولا سلاح ولا حمولة ولا صاحب له ولا شيء من الأشياء غير العصا ومدرعة صوف وقلنسوة صوف ونعلين"(81)
آسف للإطالة، إنما أردت الصورة كاملة..

أيُّ قصص هذا؟ وأيَّة وقائع؟ ومن أين علموا بالتفاصيل؟!
أو قُل، أيُّ عِلم هذا؟ ولم ترد واحدة منها في كتاب ولم يكن منهم حضور أو شهود عيان؟! وكيف تناقلوها ممن سبقهم - لو افترضنا ذلك - وكان موسى وحده في الوادي المقدس طوى بطور سيناء؛ هو اعتماد فقط على رواة وحكائين جاءوا بعدها بقرون، وكلها يندرج تحت ما نسميه بأعمال المخيلة عند أهل الآداب والفنون، فهل الدين أيضا من فنون الآداب؟ وإن كان ذلك كذلك فلماذا يصادرون عقولنا ومخيلتنا وما نكتبه؟!
الدين الواعي جزء مهم من التكوين الثقافي لأيِّ جماعة بشرية، يُبنى على الإدراك العقلي وليس بالخرافات وادعاء المعرفة والعِلم، أو بالتأويل المفرط تخلقه المخيلة، ويصبح من ثوابت العقيدة ومنهاج لأهلها، كسرقة يوسف مثلًا، والسؤال الآن وبوضوح: هل دين المصريين نتبع أم دين الطوائف والملل والأئمة والآلهة بشرًا دعاة الظلام والتخلف والذي يتعارض مع صحيح الدين؟! 

لماذا الاقتتال إذًا بدعوى الدين الحق الذي يجب اتباعه وكلٌّ يراه بمخيلته المفردة؟
نحن أهل التنوع ودين الإنسانية والله الواحد، أول شعوب الأرض معرفة بالأخلاق والضمير، إله واحد لا شريك له بلا خرافات أو تزيُّد أو نفي لمن ليس على ديننا.. علينا أن نختار بلا تردد أو مخافة وبأكثر قوة وصرامة وتمسُّك بكل ما لدينا من تاريخ ثقافي وتراكم معرفي وإدراك وجود، راسخ العقل والوجدان، بعيدًا عن تلك الدعاوى والتشنجات والمقولات الجوفاء والصراخ القبَلي وعادات وافدة جهلت معنى الحضارة والتحضر، وما ملكت يومًا بضع تاريخ!
ومن باب وجع الرأس المستمر أيضًا، كاستنزاف أزلي مكتوب في مواجهة التفاهة والسطحية القابضة على صدورنا من قديم، خلقوا لنا ما يسمونه "تواصل اجتماعي" ليزيدوا الطين بلة، قنوات متعددة متفرعة في كل الاتجاهات كالأخطبوط، العرب هم أكبر مستخدميها في الكون كله، ولأننا على قدر عظيم من الخلل العقلي والخمول الذهني تأخذنا المجادلة إلى حواف القتل المستباح، والإزاحة من أمام بعضنا البعض في سبيل تفاهة أخرى أشد وأعظم، نستخدم هذا العالم الافتراضي الواسع لتجذير وتأصيل ثقافتنا الخربة وحضارتنا العربية المدعاة ووعينا المنكوس، ونلجأ في الغالب إلى صفحات العري والاستمناء والمثلية بإحصاءات مذهلة مع ادعاء باطل بالتدين العميق والورع المخبول، خالقين في الوقت نفسه آلهة بشرًا كما فعلت الوثنية عبْر عصور الظلام والبدائية، فلا وعي هنا ولا تدين هناك، وأصبح العقل الآمل في التحديث والتجديد وبناء عالم جديد بوعي حقيقي بلا تغييب أو ترهيب أو انتقاء أو خرافة وتجهيل، هو فقط الموجوع الشاذ عن القطيع، المنتظر نهايته المأساوية المحتومة على يد جماعات الإفك والتفاهة النزقة!
نحن الوحيدون في عالم الوعي بلا وعي..

ويا لتلك الحضارة العربية المدّعاة، التعسة بأبنائها!
عالة على البشرية، تعيش الهامش بأريحية وعن جدارة واستحقاق، واطمئنان مذهل لأننا خير أمة أخرجت للناس، الأقربون بلا جدال، الضامنون الجنة بحور عينها وغلمانها وما لا يخطر على قلب بشر، والبقية سفلة عبيد أمثالنا من التقاة، يجتهدون ويبتكرون ويطهرون العالم من تحت أقدامنا؛ كي نحيا دنيانا الرغدة إلى آخِرة صفصافة مصفوفة مرصوفة موعودة، وجنات نعيم.. مسخرون هم من رب السماوات العُلا لخدمة أسيادهم خير أمة.. ها هم قد ابتكروا لنا لعبتهم يقيسون بها ما تقدم وما تأخر من معلومات وأسرار بيوت، وتركونا نغوص في وحْلها ونلهو إلى الأعناق، لعِلمهم المسبق بمن نكون بالتفصيل كبيرة وصغيرة، ومن هو العقل العربي التليد البليد الهائم النائم على "صرصور ودنه" مرزوقًا من حيث لا يحتسب بلا جهد أو تعب تاركًا لهم أعمالهم القذرة وتحمل تبعاتها ترفُّعًا وسموًا مستمتعًا حتى النخاع بما ينتجونه من قمة الرأس إلى أخمص القدمين، هؤلاء الكفرة الفجرة أصحاب النار هم فيها خالدون، ولنا النعيم المقيم في الدنيا بما أنتجوه، والنعيم في الآخِرة بالتعفف عن وسائل الإنتاج وأدواته، وها نحن قد فزنا بالحسنيين معًا، دنيا وآخِرة!

وأزيدك أخرى.. وخُرافة مزدوجة:
"بعد هبوط آدم أبو البشر وصفي الله اهتدى إلى مصر ووطأتها قدمه، وهي أول ما استوطن آدم أبو البشر وابنه شيث وكذلك أبناؤه وقيثان ومهلائل وهو النبي هود، وابنه إخنوخ وهو هرمس وفي العبرية إخنوخ، أي إدريس، وكان يقال عنه في لغة أهل الجنة من الملائكة إخنوخ هرمس، وسموه بهذا الاسم لأنه كان يُدرِّس العِلم لبني آدم والملائكة فكان يقال إدريس النبي، أما مهلائل فكان كاهن العصر في عِلم النجوم وقد بدأ ذيوع عِلم النجوم بفضله، أما في عهد (شيث) فكانوا يسمون أرض مصر (ايلون) وفي مصر ولد إخنوخ وإدريس، وأصبح سيّاح العالم وتعلم عِلم النجوم على يد مهلائل، وتعلم عِلم الكتاب من جبريل وعِلم الحياكة بتمامه، وفي الأربعين من عمره جاءته النبوة في مدينة (أسوان) وأصبح نبيًا لقومه وأقام على ساحل النيل مائة وأربعين مدينة وكانت له البراعة في عِلم الهندسة، والمهارة في عِلم النجوم وشاع عنه أنه يعرف كل غريب وعجيب في جميع العلوم، والمدن التي أقامها إدريس النبي على شاطئ النيل هي الآن مدن عامرة، وفي أرض الجيزة المواجهة لفسطاط مصر هرمان بناهما "سوريد" الحكيم بفضل عِلم إدريس وحفظ في الهرمين جميع الكتب والكنوز لعِلمه وقوع الطوفان، وبعد وفاة آدم وإدريس أصبح هذان الهرمان كعبة للصابئة يحجونها في كل عام، وكان الرجال يحجونها من الجهة الشمالية، أما الجهة الجنوبية فكانت خاصة بالنساء. 
ولما كان آدم - عليه السلام - على قيد الحياة كان جميع أبنائه يمضون من مصر إلى البيت المعمور ويطوفون حول الكعبة الشريفة حجاجًا، كما كانوا حينًا يقدمون إلى مصر وحينًا آخَر يمضون إلى الشام إلى موضع قريب من "حوران" وهناك يسكنون، وجاء في تواريخ الصابئة أن إدريس كان له في عِلم الكتاب اليد الطولى والقدم الراسخة، وكانت له معرفة بكل ما في الوجود، ويحرر جميع الوقائع في يوميات ويحفظها في جبال الأهرام واقتضت حكمة الله أن ينقضي زمان "شيث" ويوافيه الأجل ويقال إن إدريس دفنه في جبل الأهرام وكان من أبناء شيث الملك "نقراوش" كاهن العصر وقد شيد في مصر مدينة عظيمة سماها "آموس" وآموس في العبرية بمعنى المدينة الجديدة وسمى القبط هذه المدينة الفسطاط وقد عمرت ورممت بعد الطوفان وسميت "مصرايم" ولذلك تسمى الآن مصر وفي اللغة اليونانية تسمى "مقدونية" وفي العبرية "زرابيت" أما في العربية فاسمها "القاهرة المعزية" ذلك أنه عام خمسمائة وخمسة وسبعين كان السلطان معز الدين ملكًا للمغرب، وكان سلطان مصر سلطان الإخشيديين، واستأذن الملك معز الدين من ملك الإخشيديين في إقامة جامع في مصر فأرسل من يسمى "قائد أزهر" وهو مملوك عربي، ومال في ألف خزانة، وخمسين ألف نجار وبناء وعامل وحمال ومعهم العدة والعتاد، والعبد المسمى "أزهر" تولى أمر بناء الأزهر الذي تم بعد سبعة أعوام، وانطلق معز الدين سلطان المغرب إلى مصر وأغار عليها ليلًا كما أن جنده ادعوا أنهم إنما قدموا من المغرب إلى مصر لبناء جامع الأزهر، واستولوا على مصر من يد أحمد بن على سلطان الإخشيديين جبرًا وقهرًا وأقام مصر الحديثة، لذا يقال لمصر "مصر المعزية" ولذلك فأهل مصر جميعًا يتسمون إما بقهار أو بقابض على أنهم ينقبضون على رجال الله وتسمى مصر أم الدنيا"(82)
أيُّ عِلم هذا؟ وأيُّ خيال ملفَّق ينتهك العقل ويستبيح المنطق، إن لم يكن في اعتقادهم وحيًا إلهيًا؟! والغريب أن هذا الكتاب محقق عِلميًا ومنشورًا على الملأ!
أهو وحي إلهي ينافي حقائق التاريخ وثابت العِلم؟!

وإذ نرى أن مصر قد دخلت القرن العشرين وهي محملة بأعباء الاحتلال وبلا رؤية مستقبلية للتحدي، هي أقرب إلى التخلف على المستوى الشعبي، إضافة إلى حكامها الذين ظنوا أن التحديث إنما يكمن في التقليد والمحاكاة دون بناء لقاعدة عِلمية ثقافية تستوعب التغيير وتقوم عليه، فنجد مثلا أن العمارة المصرية قد اختلفت ليحل محلها أحياء كاملة تحاكي طرزًا معمارية غربية - فرنسية وإنجليزية وإيطالية - كذلك طرُق التعليم وإيفاد البعثات إلى الخارج وخضوع اختياراتها لأبناء الصفوة والطبقات البرجوازية، إلى جانب عدم الاهتمام بتعليم أبناء الفقراء والطبقات الشعبية وندرة الاهتمام بالموروث الشعبي الثقافي وتركه لعلماء الغرب وهواة جمْع التحف ينقبون عن آثارنا وينهبون الثمين منها وكل أوراق العلوم والتأريخ والهندسة، يبيعون معظمها خارج البلاد بالتوازي مع إهمالنا الجسيم، أو الكتابة عنها بلا إنصاف وحياد مع سرقتها ونسْبها إلى رجالهم، إضافة إلى تطلع النخبة الواعية من أبناء الأمة الحقيقيين وانشغالهم بالبحث عن وسيلة أو مخرج للتحرر من الاستعمار وحكم من لا ينتمون.. ذلك، فقد كانت النخبة والطبقة المتوسطة من الجماعة الوطنية والتي يعول عليها النهوض بمجتمعها تحاول جاهدة الخروج من مأزق التبعية والاستغلال بحثًا عن الاستقلال السياسي أولًا ولم يلتفتوا إلى الاهتمام بثقافة الشعب وتطورها على اعتبار أن لها الأولوية في عملية الاستقلال ذاتها، فازدادت حلقات الربط بين طبقات المجتمع انحلالًا وانقطع التواصل المعرفي المرجو بين أفراد الشعب، اللهم إلا على المستوى السياسي فقط، الأمة تجتمع وتتوحد عناصرها في التوجه العام نحو التحرر والاستقلال في مواجهة المحتل دون رابط يُذكر في محاولة خلْق أنساق قيم ترتقي بكل مناحي الحياة. 

لقد حمل القرن العشرين الكثير من المتغيرات والأنشطة الجديدة والتي لا يمكن إغفالها أو تركها، أثرت في كل المجتمعات العالمية وغيرت مناهج التفكير فيها، صاحبها هنا الكثير من أوجه القصور والاختلاف وبطء القدرة على استيعاب المتغير ونتائجه على أداء الفنون والآداب والثقافة بشكل عام، وموقفنا منه سلبًا أو إيجابًا حتى مَر القرن بكامله مرور الكرام، ولدينا من التخلف ما لدينا ومن العيوب الثقافية والعِلمية حدث ولا حرج، ومن اختلال المفاهيم وتفشي الخرافة والصيحات المزاجية المنفردة أحيانًا حول التنمية الثقافية ووجوب الانفتاح نحو المطلق الحر دون رابط أو ضابط، أو والصراخ إلى حد البكاء حول ضياع الأمة وانسلاخها أو تفسخها إن فعلت، وما إلى ذلك من تعبيرات الانحطاط والهزائم، إلا في حدود الاجتهادات الفردية المخلصة وقد واجهت بدمها المسفوك أحيانًا!

وها نحن في مطلع القرن الواحد والعشرين، بما له من هيمنة وسيطرة ثقافية وعِلمية ومعرفية على كل المستويات الفكرية والتقنية، السياسي منها والاجتماعي، وحتى الديني، وقد بدأ القرن الجديد بين من ينادي بالابتعاد والانغلاق والتقوقع على الذات مخافة المزيد من التشتت أو الانحلال بعيدًا عن المشاركة الفاعلة والندية - أفكار تخلف - دافعًا لغلق كل نوافذ المعرفة والتعامل مع الآخَر، ولا يهم مستقبل قادم ومجايلة جبرية تستحق منا بعض الجهد والمثابرة، إلى متطرف بأبعد ما يكون التطرف في إنكار كل قديم والقفز عليه أو الهرب منه بدفنه ومحوه نهائيًا عن جهل بقيمة الموروث الجاد وجهد من صنعوه وتاريخ نضالهم وتضحياتهم.. الأمر الذي يدعو لدق أجراس الإنذار، لعل الكل ينتبه: أن لا خير أبدًا في انغلاق، ولا خير أبدًا في تحجيم حرية الفرد والجماعة في تناول الأفكار وتداولها، إنما الخير مع الاجتهاد في تصحيح التاريخ المصري على كل المستويات وإعادة إحيائه وتوثيقه توثيقًا عِلميا من لجنة علماء مصريين بحق مشهود لهم بالمواطنة أمناء عليها، ولتكن تحت أيِّ مسمى وبتكليف واضح محدد: التعريف بالتاريخ الثقافي المصري بكل مشتملاته وعناصره.. من نحن؟ا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"الأساطير في مصر القديمة" ـ رودلف أنتس ـ من كتاب "أساطير العالم القديم" نشره وقدم له صمويل نوح كريمر ـ ص 23، 25 
"الفن البيزنطى" ـ د. ثروت عكاشة 
"أصل الشرور" ـ ريتشارد دوكنز ـ فيديو على شبكة المعلومات
"قصص الأنبياء ـ المسمى بعرائس المجالس" ـ تأليف أبى إسحق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابورى المعروف بالثعالبى ـ طبعة الشمرلى بالقاهرة 1982 ـ ص 133، 135
السابق ص 184
"الرحلة ـ إلى مصر والسودان والحبشة" ـ تصنيف الرحالة العمانى أوليا جلبى ـ إشراف وتقديم الدكتور محمد حرب ـ دار الآفاق العربية 2005 ـ ج1 ص 43، 44




Post a Comment

أحدث أقدم