محمد تيمور شاعر وأديب وكاتب مسرحي من الطراز الرفيع



 بانوراما أدبية: مقالات: منى رامز- محمد تيمور- شاعر- أديب- وكاتب مسرحي- فنون الكتابة- قصة قصيرة، شعر، رواية، مسرح، سينما، دراما، أفلام، أغاني، فنون، مقالات، دراسات، أقلام، كتب، كتاب.


منى رامز

 محمد تيمور شاعر وأديب وكاتب مسرحي 

منى رامز


         محمد تيمور

 شاعر وأديب وكاتب مسرحي من الطراز الرفيع ، فهو من مؤسسي الأدب القصصي والمسرحي في مصر ، ولد في القاهرة عام 1892 ، نشأ في أسرة عريقة ذات خلفية أدبية واسعة وعلم وجاه ، فوالده هو أحمد تيمور باشا أحد كبار رجال النهضة العربية ، وباحث في حقول اللغة والأدب والتاريخ.

مكتبته

         ويعد صاحب أكبر مكتبة خاصة في العصر الحديث ، حيث بلغ عدد الكتب الموجودة بها ثمانية عشر ألف كتاب ، وعمته الأديبة " عائشة التيمورية " إحدى رائدات الحركة النسوية في القرن التاسع عشر بالعالم العربي ، وأخوه الأديب الكبير " محمود تيمور " .
تكونت مواهب " محمد تيمور " وتفتحت عبقريته بفعل عوامل عديدة منها الوراثة والبيئة التي وجد فيها متنفساً أتاح له التعبير عن آرائه وأفكاره . سافر إلى باريس لدراسة القانون ثم إلى برلين ولكنه عاد إلى القاهرة مع إشتعال الحرب العالمية الأولى عام 1914.

دوره


        انصرف بعد ذلك إلى كتابة القصة القصيرة والمسرحيات والمقالات النقدية العديدة للنهوض بالمسرح المصري ، متأثراً بالمسرح الفرنسي حيث كان يدرس ، وبجانب براعة محمد تيمور في كتابة القصة القصيرة والمسرح وكتابة المقالة والتحليل ، كتب أيضاً الشعر بطريقة سلسة وبسيطة ، فكان شاعراً من الطراز الأول ، نظم الشعر بطريقة وجدانية رقيقة ، تفتحت عبقريته الشعرية وهو في العاشرة من عمره ، وباشر كتابة المقالات ولم يبلغ سن النضوج.

المسرح


            شكلت كتابات محمد تيمور القصصية والمسرحية والشعرية والفكرية منظومة إبداعية متكاملة في مجال تحديث الأدب والفكر العربي ، فكانت كتاباته هي البداية الحقيقية للأدب العصري الحديث . محمد تيمور له الريادة في إدخال اللهجة العامية المصرية في الكتابة الأدبية وتطعيمها بالفصحى ، متمرداً على عصره الذي كان يعتبر الفصحى هي لغة الأدب الحقيقي ، فقد امتاز أسلوبه المسرحي ببساطة الحوار الذي يتميز بالقرب من المتلقي.

الواقعية

          وقد تأثر محمد تيمور بالمذهب الواقعي الذي انعكس على كتاباته القصصية والمسرحية ، أما كتاباته الشعرية فجاءت جميع قطعه خالية من المدح والذم والرثاء ، فكتب الشعر الغزلي والشعرالوجداني الوصفي ، وكتب المقال الأدبي الاجتماعي النقدي الذي يمتاز بالنزعة الإصلاحية ، أما قطعه القصصية فتتميز بالوصف الدقيق المتقن للحياة الاجتماعية المصرية متخذاً في ذلك المذهب الواقعي ، وأما كتابته للخواطر فكانت مشاهدات في الحياة والتعبير عنها بكثير من آرائه الخاصة وأفكاره . 

ابداعاتهه المسرحية : 


        ساهم محمد تيمور مساهمة كبيرة في تطوير المسرح المصري ، واهتم بالأدب المسرحي ومسرح " الكوميدي فرانسيز " ، اشترك في تأسيس " جمعية أنصار التمثيل " في مصر ، مثلت له على المسرح عدة كوميديات إجتماعية ، أولها رواية " العصفور في القفص " كتبها باللهجة العامية وقام المؤلف فيها بتحليل الشخصية المصرية وتقديم نقداً للسلوكيات المرفوضة في المجتمع الشرقي ، والرواية الثانية " عبد الستار أفندي " هي أيضاً كوميديا إجتماعية في أربعة فصول ، أما الثالثة " أوبريت العشرة الطيبة " أوبرا ذات أربعة فصول وضع ألحانها الشيخ " سيد درويش " وكتب أغانيها " بديع خيري " .





        كتب محمد تيمور رسائل في تاريخ الفن تناولت المسرح وفنونه ، فكتب مقالات عن تاريخ التمثيل في مصر وفرنسا ، وعن التمثيل الفني واللافني نشرها في جريدة " السفور " ، ومقالات أخرى تتضمن محاكمة الروايات التمثيلية كتبها بأسلوب قصصي هزلي ، كما كتب سلسلة من المقالات الإنتقادية لأبطال الممثلين وقد نشرت في جريدة " المنبر " عام 1918 ، أنهى كتاباته المسرحية برواية "الهاوية " عام 1921 بأسلوب عصري حديث للأدب المصري وفن المسرحية ، فلم يلجأ للإقتباس أو الرجوع إلى التاريخ والتراث بل جمع بين قراءاته للتراث العالمي وفنون القصة والمسرح وبين قراءاته للحياة المعاصرة بكل قضاياها وصراعاتها وتفاعلاتها . وقد لعبت مقالات محمد تيمور النقدية دوراً هاماً في تعريفنا الكثير عن فنون المسرح وأدواته من ديكور وإضاءة وإخراج وتأليف ونجوم .



       رائد القصة العربية القصيرة : 

          محمد تيمور هو أول من كتب قصة عربية قصيرة ، كتاباته القصصية نرى فيها دقة التصوير وروعة الوصف التفصيلي ، جاء ذلك نتاج موهبة فذة وحس فني راقي وثقافة واسعة متأثرة بسفره لأوروبا بالإضافة لإلتحامه بقضايا مجتمعه المصري ، فمواكبته لرواد الأدب الأوروبي وبالأخص رواد القصة كتشيكوف وإدجار آلان بو وإرنست همنجواي كان لها تأثير كبير في وضع القواعد الأساسية للقصة القصيرة عند محمد تيمور. 

        لم تكن إبداعاته محاكاة شكلية لأنماط الأدب الغربي بل استطاع أن يوظف هذه الأنماط ويبلورها بمضامين تهم أبناء مجتمعه المصري . انشغل محمد تيمور في كتاباته القصصية بالطبقة المتوسطة بوصفها معبراً للتواصل بين الطبقة العليا والطبقة الدنيا .




       " ماتراه العيون " 


         مجموعة قصصية كتبها محمد تيمور عام 1917 ، يعبر فيها عن عمق وتفاصيل الحياة الاجتماعية المصرية ويصف شخوصها وحكاياتها بدقة دون تكلف ، ووصف تفصيلي دون ملل . تتميز المجموعة بقصص قصيرة صغيرة الحجم حيث يمكن قراءتها في جلسة واحدة ، تنتمي إلى الواقعية الاجتماعية ، فبعض القصص لاتتعدى فترة أحداثها ساعتين أو ثلاثة كقصة " القطار " و " حفلة طرب " ، لغته السردية فصحى بسيطة ، لغة موجزة ذات عبارات قصيرة وألفاظ موحية ومعبرة ، يصور الشخصيات بأسلوب ساخر ، ولديه القدرة على التقاط التفاصيل الدقيقة الخاصة بكل شخصية ، 

     استخدم الكاتب لغة خاصة ومفردات منتقاه ، قريبة أحياناً من لغة الحياة اليومية في السرد والحوار ، وأحياناً أخرى يحيلها إلى مشهد مسرحي يغلب عليه النزعة الخطابية . نجد أحياناً لغة رصينة فصحى بمفردات متناغمة ، وأحياناً أخرى يقودنا السرد إلى لغة عامية محدودة ، كما في قصة " حفلة طرب " عندما يعبر بطل القصة عن شغفه بالكنسير ( الكونشيرتو ) فيقول : " الوجوه الوضاحة والقدود المائسة والعيون الضعيفة القاتلة . هناك كنت أمتع عيني بالجمال الذي صاغته يد الخالق في وجوه الحسان ، واملأ قلبي لذة يمازحها الطهر ، وأذني ألحاناً جميلة ينفسح لها الصدر . " ، ثم ينتقل إلى وصفه للشاب المطرب الأسمر فيقول : " له أنف طويل يلتطم مع شفته اليسرى ، وعينان سوداوان بهما جمال عبثت به يد السهر والخمر ، وشارب قصير كريش فرشة تنظيف الأسنان ، ... " . استعان " محمد تيمور " في لغته السردية بالاستعارات والكنايات بطريقة شعرية متناغمة ، قصة " ربي لمن خلقت هذا النعيم ؟ " يصف قصر " محمد بك عبد القادر " فيقول : " يسكن محمد بك في قصر جميل على ضفاف النيل ، تحوطه حديقة غناء تتمايل أشجارها كلما داعبها النسيم ، وتسمع فيها موسيقى الطيور ممزوجة بألحان أمواج النيل ، تلك موسيقى جميلة هادئة كأنها صوت الحب في آذان العاشق اليائس . وإذا ظهر الشفق خلف النخيل وارتدت السماء ثوبها الأحمر قبيل الغروب ، خيل للناظر أن هذا الاحمرار هو دموع الليل يودع النهار ، ... ".


       ترك " محمد تيمور " وراءه إرثاً فكرياً وإنجازاً أدبياً ضخماً في فترة لاتتخطى الثماني سنوات من 1913 حتى 1921 ، فقد خسر العالم أديباً عبقرياً رفيع المستوى وهو بعد لم يكمل عقده الثالث ، وافته المنية في 24 فبراير عام 1921 عن عمر يناهز التاسعة والعشرين.

       وقد كرمته الدولة المصرية وخلدت ذكراه بإصدار جائزة " محمد تيمور " للإبداع المسرحي العربي وهي من أشهر مسابقات النصوص المسرحية في الوطن العربي .  

Post a Comment

أحدث أقدم