ريشة بن قرطاس

بانوراما أدبية: مقالات، د. منة الله حسن: فنون الكتابة- قصة قصيرة، شعر، رواية، مسرح، سينما، دراما، أفلام، أغاني، فنون، مقالات، دراسات، أقلام، كتب، كتاب.




منة الله حسن
د. منة الله حسن


مجموعة قصصية من تأليف مصطفى سليمان، صدرت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب2022م


بقلم د. منة الله حسن


تحتوي المجموعة على ثلاث وعشرين قصة المجموعة بشكل عام تعنى بالهم العام للمواطن، الإنسان الكادح الذي يسعى للحصول على أبسط حقوقه وقد اعتمد الكاتب على نظام التشفير والرمزية في بعض قصصه والبعض الأخر جاء ملمحا دون تصريح.


القصة الأولى 

التي تحمل عنوان الطابور، تكتسي تلك القصة حلة الرمزية منذ عنوانها-الذي يمثل العتبة الأولى لتحليل النص- تلك القصة التي تتناغم فيها الدلالات المتضاربة بين الوهن والقوة، الغنى والفقر، البؤس والكفاف، فالطابور يعبر عن التحولات الاجتماعية التي يمر بها المجتمع دون تحديد لزمن معين ولا مكان معين ولا طبقة معينة فالطبقات جميعا حاضرة، فالكل يقف في الطابور ينتظروا أن تشبع كلاب الباشا ولا ينسون أن يحجزوا دورا قادما لهم في الطابور فهم يعيشون على هذا الأمل.


القصة الثانية

 ذات العنوان المعرف أيضا واللفظ الواحد الرحلة، واستخدم هنا الكاتب اللفظ الواحد حتى يكون أكثر تركيزا وتكثيفا للمعنى، ففي هذه القصة نبحر مع الكاتب في عالم فنتازي خلقه الكاتب حتى يجعلنا نعيش معه في عصور وأزمنة مختلفة، فها هي هيباتيا، ونجيب محفوظ على قهوته، وها هنا مشرفة، وأم كلثوم، نعيش مع الكاتب رحلة صمود القلم والريشة في وجه الجلباب الأبيض واللحى الكثة، يحاول الكاتب في قصته هذه من خلال بطله أن يكتب نفسه نسمع ذلك من خلال صوت الراوي العليم وهو" يقول:اكتب عنك".

أما قصته الثالثة 

والتي تحمل اسم المجموعة ريشة بن قرطاس استخدم هنا الكاتب العنوان العلم حتى يوحي بصفات شخصية بطله وقيمه ومبادئه التي تظهرليس فقط على طول النص ولكن على امتداد القصص فنحن نرى ريشة بن قرطاس في كل قصة من قصص المجموعة؛ لذلك أرى أن الكاتب وفق في اختيار عنوان مجموعته الذي يعكس توجه المجموعة كلها، فالكاتب يسعى لايصال رسالته إلينا مستخدما ألية الرمز والتشفير، ولكن في غير تقعر، فريشة هو المواطن الذي يعاني الذي يحلم الذي يحمل هم وطنه ويسعى لتخليصه، وتلك هي رسالة المجموعة كلها.


أما قصته الرابعة 

التي تحمل عنوان كلام جرائد يعبر فيها الكاتب عن معاناة المواطن محدود الخل الذي يتحول هو وحبيبته إلى حرفين وكأنهما جزء من كلام الجرائد.


وفي قصته الخامسة 

أيضا شارع مبروك يعبر الكاتب عن الواقع الأليم الذي جعل من مبروك المكوجي إله ظالم يدوس على رقاب حاملي الشهادات العليا، يحمل معه صكوك النجاة لمن سيعمل معه، يجعلنا الكاتب هنا نعيش هذا الواقع الأليم ونرى تمرد أصحاب الشهادات العليا على مبروك الذي دعاهم في النهاية إلى ارتداء أكياس القمامة بدلا من الملابس نتيجة لذلك التمرد.

وفي قصته السادسة 

رسالة ابن مشنوق لا يختلف كاتبنا هنا كثيرا فرسالته واضحة فالأب مثل الابن مشنوق والشنق هنا تعبير عما وصلت إليه حالة البطل من محاولاته للوصول إلى حريته التي تتحقق عن طريق العدل وهي الجملة التي ختم بها كاتبنا قصته" في العدل تعيش الحرية". وقد وجدت صلة ولو بسيطة بين تلك القصة والقصة الأخيرة في المجموعة " أمنية" وهي الرسالة التي يود الأب ارسالها إلى ابنه قبل أن يموت ولا يستطيع كتابتها رسالة من كلمة واحدة "أحبك" يقولها الأب قبل أن يموت وهو يجهل الأداة التي سيموت بها.

أما قصة وجه بلا ملامح وقصة مقعد ملصق بعربة القطار الأخير فيتحدث الكاتب عن قضية مهمة جدا وهي قضية تأخر سن الزواج عند المرأة، ففي قصة وجه بلا ملامح نرى الفتاة التي تعيش مع أطلال جهازها الذي أصبح قديما وصور أبيها وأمها وصورة غير واضحة الملامح لعريس لم يأتِ، وقصة "مقعد ملصق بعربة القطارالأخير" الذي يوضح مأساة أربعنية تخاف أن تقضي بقية عمرها وحيدة ويفوتها قطار الزواج فتلجأ لزميلها في العمل تتزوجه وتنجب منه وتبرر لغريمتها أنها ليست خائنة ولا خاطفة رجال بل أنها حاولت الحفاظ على مقعد لها في قطارها الأخير. ولكن ليست هذه صورة المرأة الوحيدة عند الكاتب فلديه صورة أخرى للمرأة المحبة العطوفة في قصة "قطرات" التي توفر النقود المعدنية للحصول على وقت للمتعة مع زوجها يُرمز إليه بثمرة مانجو، ذلك الزوج المطحون الذي يعمل ليل نهار لتوفير نفقات أسرته ويحلم بتدبير ثمن ثمرة مانجو حتى يرتشف قطراتها الساقطة من على نهد زوجته.

 أما صورة المرأة في قصته" زوج الحمال" فهي المرأة الطامعة التي تتأفف من غسل ثياب زوجها الحمال كل يوم، لهذا نجد أن رمز المرأة عند الكاتب متنوع يوظفه بطريقة تخدم نصه وتخدم فكرته.أما بقية القصص وهم " القميص، الهدية ، الصورة" تلك القصص التي تحمل الهم ذاته والمعاناة نفسها " إذا الشعب أراد يوما الحياة فلابد أن يستجيب القدر تلك العبارة التي كتبت على القميص.

أما قصتا " عربة العنب" و" أسفل الجسر"فيرمز فيهما الكاتب إلى حجم الفساد الذي انتشر في المجتمع.

لقد استطاع الكاتب من خلال تلك المجموعة البسيطة المركزة إلى إيصال رسالته التي تحمل شعارا واحدا وهو
" الإنسان" وأرى أنه وفق في ذلك كثيرا. 
 

Post a Comment

أحدث أقدم