وظيف التراث العربي في قصيدة العامية الجديدة
عماد سالم يكتب: توظيف التراث العربي في قصيدة العامية الجديدة |
المقال الرابع
كتبه: عماد سالم
علاقة الشاعر بتراثه علاقة قديمة جدا قدم الشعر العربي سواء كان فصيحا أو عاميا فهذه العلاقة وإن وهنت في بعض العصور أو تغيرت صورها أو طبيعتها من عصر إلى عصر فهي لا تنقطع أبدا .. حيث لم يقف الشاعر العربي ( فصحى أو عامية ) في أي عصر من العصور عن استرفاد تراثه واستلهامه على أي نحو من أنحاء الاسترفاد والاستلهام وقد قدم النقاد دراسات بعض الصور هذه العلاقة في إطار أو أخر فى الشعر الفصيح متجاهلين الشعر العامي لأسباب كثيرة سنأتي على ذكرها فيما بعد .
وصور هذه العلاقة تتمثل في المعارضات والتشطير والتربيع والتخميس وغيرها من النماذج لعلاقة الشاعر بموروثه الشعري والأدبي بصفة عامة وهي كلها نماذج لمحاكاة التراث والأخذ منه
دون محاولة لتطويرها حيث كان التراث في إطار هذه الصورة من صور العلاقة هو النموذج المثالي الذي ينبغي للشاعر أن يتجاوزه ولكن شعرنا الحديث فى الفصحى أو العامية الجديدة عرف في العقود الأخيرة صورة من صور علاقة الشاعر بالتراث لم يسبق له أن عرفه في التاريخ الطويل وهذه الصورة هي ما يمكن أن نطلق عليه توظيف التراث بمعنى استخدام معطياته استخداما فنيا ايحائياً
وتوظيفها رمزيا لحمل أبعاد الرؤية الشعرية للشاعر بحيث يسقط الشاعر على معطيات التراث ملامح معاناته الخاصة و تصبح هذه المعطيات معطيات تراثيه معاصرة، تعبر عن أشد هموم الشعر المعاصر خصوصية ومعاصره في الوقت الذي تحمل فيه كل عراقة التراث وكل أصالته وبهذا تغدو عناصر التراث خيوط أصلية من نسيج الرؤية الشعرية المعاصرة وليس شيئا مقحم عليها أو مفروض عليها من الخارج وفي هذا الإطار الجديد للعلاقة بين الشاعر والتراث .
تصبح هذه العلاقة اكثر ثراء وعمق ونقاء فهي علاقة قائمة على تبادل العطاء يأخذ الشاعر من تراثه ويعطيه ، وبهذا تغنى التجربة الشعرية المعاصرة والتراث كلاهما فإذا كان الشعر المعاصر يأخذ من تراثه أدوات وعناصر ومعطيات يوظفها لتجسيد رؤيته وبما يفجره فيها من قدرات تعبيرية متجددة بحيث ترتد هذه العناصر اكثر حيوية وغنى وقدرة على البقاء وقد اهتدي الشاعر العربي المعاصر إلى هذه الصورة من صور العلاقة بالتراث عبر بحثه الدائم عن أدوات ووسائل تعبيرية.
تتسع لاستيعاب أبعاد رؤيته المعاصرة بكل ما فيها من غني وتشابك وتعقيد ويستطيع أن ينقل هذه الرؤية إلى وجدان المتلقي بكل حرارتها وطزاجتها وصدقها وقد وقع الشاعر في ذلك على منجم وهو التراث وقد تنوعت المصادر الرئيسية إلى مصادر دينية أو أدبية وتاريخية والصوفية وفلسفية ومصادر الأسطورية و فلكلورية كما تنوعت المعطيات والعناصر التي استمدها
من كل مصدر من هذه المصادر ما بين شخصيات وأحداث والنصوص وقوالب فنية وبرامج ومعطيات بلاغية وموسيقية وتنوعت أخيرا أساليب وتكتيكات وصور توظيف كل معطي من هذه المعطيات ..
المرجع
كتاب دراسات نقدية فى شعرنا الحديث د. على عشرة زايد
وكان المصدر يتحدث عن الفصحى ولكننا ننطلق من نقطة مهمة وهى أن الفصحى والعامية خضعت لنفس التأثير وتطورت بصور مماثلة فى بعض الاحيان وبصور فاقت الفصحى فى أحيان أخرى
المهرجان الثانى
الإسكندرية، ٩ نوفمبر
إرسال تعليق