مناقشة كتاب: كلام ابن عم حديت، للكاتبة أليس جابر
مناقشة كتاب: كلام ابن عم حديت، للكاتبة أليس جابر |
هاني منسي
د. زين عبد الهادي:القراءة الموسوعية ظهرت في كتابات أليس جابر
أشاد د. زين عبد الهادي، الكاتب والروائي ورئيس تحرير مجلة عالم الكتاب في تقديم الندوة بكتاب كلام ابن عم حديت حين قال أنه يجد صدى لنفسه في كتابات أليس جابر، ويعتبر ميلاد الكاتبة أليس جابر في 2019 بصدور مجموعتها القصصية الأولى المقعد 43، بالرغم أنها بدأت قبل ذلك في التسعينيات، حين كتبت في مجلة هو وهي وجريدة الوفد، وتوقفت فترة عن الكتابة، هذه الفترات المتوقفة والتي اسماها بالفترات الساكنة، كان لها أكبر الأثر في خلق حياتها الإبداعية عن طريق القراءة المتنوعة والموسوعية، وأضاف عبد الهادي أن هذه القراءة الموسوعية ظهرت في كتاباتها، ويكاد يجزم أن أليس جابر تحفظ عن ظهر قلب مقاطع كاملة لنيكوس كزانتزاكس، ومتأثرة بشكل كبير بالأدب الروسي والعالمي.
وأضاف عبد الهادي أن الكاتبة أليس جابر متحققة تماما، فهي خريجة كلية الآداب، وحصلت على دبلوم من كلية الإعلام جامعة القاهرة، وحصلت على ماجستير من جامعة الرجاء المسيحية في الولايات المتحدة الأمريكية،
أشار عبد الهادي بمبادرة الكاتبة أليس جابر حيث قال إنها مغامرة فكرية أن تبدأ الكاتبة بمثل هذا الكتاب وهو عبارة عن مقالات أدبية، لكنها كتابة صادمة لأنها تتغلغل في مناطق من الصعب أن يفكر فيها أغلبنا، وأضاف عبد الهادي أن الكاتبة لها الحرية الكاملة في عرض آراءها.
واضاف د. زين عبد الهادي أن أليس جابر مهمومة بفكرة التنوير في المجتمع المصري المكون من طبقات متعددة ومن مشارب مختلفة، أمة تبدو للوهلة الأولى أنها نسيج واحد، لكنهم من أعراق مختلفة وبأفكار مختلفة لكن تجمعهم روح مشتركة واحدة مسيطرة وهي روح الأمة، ولدى أليس جابر هم تحديد الأفكار المتداولة بين الناس البسطاء قبل المثقفين، هذا الكتاب واحد من أهم الكتب للمثقفين تجعلهم يعيدون التفكير في العالم ويطرحون السؤال ماذا يريدون من هذا العالم.
كما أضاف د. زين عبد الهادي أن الكتابة هي موقف الكاتب من الحياة بشكل عام، وفرانز كافكا يقول: "إذا كنت أنت في جانب والعالم في جانب آخر، فاختار جانب العالم"، والعبارة- في سياق العمل- تحريضية تماما، ويجب علينا ككتاب ومفكرين أن نأخذ مواقفنا نحن، ولا نقف في جانب العالم (العقل الجمعي)
سلوى بكر: نوع من الكتب أفتقد في ثقافتنا العربية
أشادت الكاتبة والروائية سلوى بكر بدور صالون مي مختار في مقهى الفيشاوي برمزيته ومكانته، وقالت إن كتاب كلام ابن عم حديت هو نوع من الكتب أفتقد في ثقافتنا العربية، يتناول جملة من البديهيات الأولى التي تم طمسها بفعل فاعل أو بمرور الوقت وحكم الاعتياد، وقالت أن الكتاب يتناول قضايا منسية، وأن هناك الكثير من مصادر القيمة في كتاب كلام ابن عم حديت، وتساءلت سلوى بكر عن الفئة التي يخاطبها الكتاب، واجابت أنه يخاطب شرائح واسعة من الناس، يدفعهم إلى التأمل وإعمال العقل، ويرتكز الكتاب إلى أفكار الاستنارة، وما أحوجنا الآن إلى الاستنارة، واشادت سلوى بكر أن للكتاب قيمة تربوية، ينبه إلى ما هو إيجابي ينفر عن ما هو سلبي، وذكرت مثالا على ذلك من الكتاب حين تناولت أليس جابر قضية الانتحار، والمقولات الشائعة عن معاقبة الله للبشر، وتزعم سلوى بكر أن ملايين الناس الذين يقرأون باللغة العربية هم بحاجة إلى هذا الكتاب لأن هناك عمليات غسيل مخ ومحاولة تغييب الوعي طوال الوقت.
وأشارت سلوى بكر إلى مظاهر القيمة في الكتاب هو مصدرها القراءات المرجعية للكاتبة وتحديدا في مجال الأدب، وأن أليس جابر تتناول خلاصة جملة من الأعمال الروائية العالمية والأعمال السينمائية والكتب وتقدمها إلى القارئ على نحو سلس يستطيع أن يستوعب الخطابات المستنيرة وربما تدفع المتلقي إلى قراءة أو مشاهدة هذه الأعمال المهمة التي تتعلق بحياة الناس.
توقفت بكر عند بعض النقاط في الكتاب التي أخذتها على الكاتبة وهي عدم الإشادة باسم الكاتب في بعض الأحيان أو عدم ذكر تفاصيل في بعض المقالات التي تساعد القارئ العادي على استيعاب المعلومات كاملة، فلم تذكر الكاتبة من هي نينا سيمون ولا من هي المطربة وردة الجزائرية عندما تعرضت لهم، واعتمدت على معلومات القارئ
وقالت بكر هناك خلل في الدلالات في نص الوجود مأزق، حين قالت أليس جابر "...ومحظوظون هم من لم يصلوا إلى البويضة" وكان أكثر دقة أن تقول " ومن حسن الحظ أن هناك آلاف لا يصلون إلى البويضة"، كما أشارت بكر إلى جملة "... فقد تدعونا الفكرة إلى التفكير في محضر بعضنا بعض " وكان من الأفضل أن تكون ".....في حضور بعضنا البعض"
اعترضت بكر على جملة "السياسية فن اللاوعي" وقالت إنها جملة غير دقيقة ومبهمة، كما اضافت أن هناك الكثير من الأخطاء في علامات الترقيم كان يجب أن تراجع من دار النشر، كما اعترضت بكر على جملة ".. يعتبر بوكاشيو المعادل الإيطالي لألف ليلة وليلة" حيث أن ألف ليلة وليلة لا يوجد معادل لها، لكن بوكاشيو محاكاة لألف ليلة وليلة.
أنهت سلوى بكر مداخلتها بعنوان الكتاب كلام ابن عم حديت موضحة "الكلام قاموسا هو القول والحديث حدث، روى، أخبر" وتساءلت بكر في عن معنى دلالة العنوان الكتاب.
محمد إبراهيم طه: تقرأ كأنك تستمع إلى أليس جابر
وقال د. محمد إبراهيم طه عندما قرأ هذا الكتاب شعر أنه يستمع إلى حديث أليس جابر الممتع، وتستطيع أليس جابر أن تستدعي القراءات المتنوعة في كتابها كما تفعل في حديثها، وهي لديها قدرة عقلية خاصة على الاحتفاظ بالأعمال الأدبية العالمية وتستدعيها بسهولة وتربطها بغيرها من الأعمال، لا يخلو مقال من عرض عدة أعمال أدبية.
بدأ طه بالعنوان كلام ابن عم حديت وكلمة حديت بالعامية والعبارة نفسها تقال في ثنايا الكلمات الشعبية بمعنى لا تتوقف كثيرا أمام كلامي أو لا تأخذ كلامي موضع الجد، وقال إنها مقالات أدبية تعتمد على خبرة قراءات موسوعية، والجزء المستقطع من الأعمال الأدبية كبير وتستدعيهم بجوهرهم على سبيل المثال لا الحصر غادة الكاميليا والعجوز والبحر والعطر واعتراف تولستوي، وتستشهد بثلاث أو أربع روايات في مقال واحد، تستعرض الآراء بوضوح وتأتي إلى خلاصة وعيها المستنير وقراءتها المتنوعة في آخر سطور المقال. والمقالات مكتوبة ببساطة مذهلة تجعلك تقرأ وتستمتع ببساطة الآراء في القضايا المهمة.
كما أشار طه إلى أن الكتاب مفيد وممتع ليس فقط للكاتب العادي لكنه مفيد للكتاب والمبدعين وقد يفتح أمامهم أبواب كثيرة لقراءة أعمال أدبية وتساعدهم على تعديل طريقة التفكير لأن أليس جابر كاتبة لديها درجة عالية من الوعي، وهي مقررة أن تستمع بالحياة وتدعو الآخرين إلى الاستمتاع بالحياة لآخر رمق، وترفض تجهم رجال الدين،
أشار طه إلى طريقة بناء المقال عند أليس جابر فهي بارعة في توصيل المعنى، ولا يبرر الأخطاء اللغوية لديها أحيانا، فهي تميل إلى توصيل المعنى على حساب الصياغة اللغوية، لكنها لا تؤثر على الرسالة التي يحملها المقال، فالكتاب بالغ الوضوح وتأثيره كبير جدا في القراء وهذا للتأثير مهم وقوي، وكل القضايا التي تناولتها مهمة على سبيل المثال الانتحار والإعدام والخرس العائلي وعلاقة الإنسان بالله وعلاقة الإنسان بالبشر والمجتمع.
مي مختار
أما الشاعرة والكاتبة مي مختار، مؤسس صالون مي مختار بمقهى الفيشاوي قالت أن العنوان "كلام ابن عم حديت" خدعة من أليس جابر، لأنه يقال كنوع من المزاح في الكلام العامي والفكاهي بين الناس بمعنى لا تأخذ كلامي موضع الجد، لكنها تطرح في ثنايا الكتاب قضايا جادة وصادمة تعرض فيه خلاصة أفكارها واراها في الحياة، ولدي أليس جابر خوف شديد جدا من مرض الزهايمر فتقول "فلنتكلم قبل أن نفقد أسرارنا بفعل الزهايمر"
قالت مي مختار أن أليس جابر تناولت دور العلم في مواجهة الجهل وذلك في نص "الله غير"، حين تعرضت أليس جابر إلى وصول كريستوفر كولومبوس إلى جامايكا، منعوا عنهم الطعام والشراب، فهدد كولومبوس بأنه سيقوم بسرقة القمر إن لم يقدموا لهم الطعام والشراب، وكان كولومبوس يعلم أن ظاهرة خسوف القمر وشيكة الحدوث، فاستغلها ونجح في تحقيق هدفه مستغلا جهل القبيلة.
أشارت مي مختار في نص "لماذا نمتنع عن الانتحار" إلى أن الكاتبة عبرت عن الانتحار أنه فكرة جبانة والحياة تستحق شرف المحاولة، وأشارت مي مختار إلى رواية "العجوز والبحر" ومغامرته في الحصول على حلمه ولم ييأس حتى بعد فقد السمكة.
في نص "الفوضى تعم المكان" قالت مي مختار أن أليس جابر أشارت إلى وجود خلل نفسي وعقلي عند المرأة التي تخلصت من رضيعها بحجة حمايته من الفقر. ونفس الحالة تكررت عند المرأة التي التهمت حفنة رمل في الشارع.
وأشارت مي مختار في نص "الحنين في الأشياء" إلى أن الكاتبة لديها تصالح مع نفسها وعندها حنين إلى الكراكيب والأشياء القديمة التي تمثل قيمة، لا في حد ذاتها، إنما في الذكريات التي تحملها.
وفي نص بعنوان الشعور بالرضا أشارت مي مختار تحدثت عن مغامراتها في الصحافة ولكن اختارت أن تنحاز للحب والأسرة بكامل إرادتها، واستطاعت أن تنجح في التوازن بين الكيانين، كيان المرأة العاملة والكاتبة وكيان الزوجة والأم.
منى ماهر
أشارت منى ماهر أن كتاب كلام ابن عم حديت كتاب مقالات ويحمل وجهة نظر الكاتبة وبالتالي وجهة نظر الكاتبة لا تناقش، لها الحرية في التعبير عن وجهة نظرها، وأضافت أن الثقافة لا تكمن في الشهادة العلمية بل تكمن في القراءات المتنوعة في كل المجالات التي تصنع البصمة والهوية.
كما اتفقت منى ماهر مع كل المقالات في الكتاب ما عدا نص العناية الإلهية، لأن العناية الإلهية لا يمكن وصفها في خمسة أسطر كما طلبت الكاتبة من الله.
استشهدت أليس جابر برواية توفيق الحكيم في روايته نهر الجنون، حيث شرب الناس من النهر، فأصيبوا بالجنون، في نهاية المطاف أضطر الملك أن يشرب من النهر لكي يصبح مثلهم، واستشهدت أليس جابر برواية "وادي العميان"، شخص مبصر سقط في وادي العميان، شعر أنه المتفوق، وحلم أن يكون الملك، لكنه كان هو المنبوذ وسطهم، وكان يجب عليه أن يفقد عينيه لكي يتعايش معهم، لكنه هرب، تقارن أليس جابر بين الروايتين وتقول أن بطل رواية توفيق الحكيم، الملك، كان مستسلما للعقل الجمعي، لكن بطل رواية العميان قاوم وهرب.
أنهت منى ماهر أن أليس جابر نجحت في الربط بين روايات مختلفة لتوصل وجهة نظرها بسهولة لتقنع القارئ بها. شكرت أليس على فكرة الكتاب كنوعية قليلة وضرورية من الكتابة لتعبر عن رؤيتها في الروايات والأفلام وتفسيرها وربطهما بالواقع.
أليس جابر: اجواء كتابة الكتاب
قالت أليس جابر عن اجواء كتابة المقال أن والدتها كانت تعاني من مرض الزهايمر، لهذا أدركت أن الحياة خصوصا بعد الخمسين يجب أن تتحلى بالصدق ثم الصدق، ليس لدينا رفاهية تضييع الوقت في أي شيء تافه، كره، بغض، حقد، إدانة، علينا الاستمتاع بالحياة حتى السمالة، والشيء الثاني المهم القراءة المستمرة، وتقول أن الكتابة هي الحل الإلهي الذي ظهر لها بعد الخمسين من عمرها حين بدأت الكتابة لتحقق ذاتها وتكون موجودة في الكتب.
إرسال تعليق