وجوه 

"وجوه: عايدة زكي مقار، بقلم: جمال مقار - بانوراما أدبية، بانوراما أدبية، فن كتابة القصة- فنون الكتابة- قصة قصيرة، شعر، رواية، مسرح، سينما، دراما، أفلام، أغاني، فنون، مقالات، دراسات، أقلام، كتب، كتاب."


عايدة زكي مقار .

بقل: جمال مقار

هي كبرى أخواتي البنات، كبيرة في كل شيء؛ في طيبة القلب ( لدرجة أحيانا تغيظ ) قوية في صلابة مواقفها، لم أرها مرة تغضب أو تثور أو تسب فهي أرقى من ذلك بكثير جدا كعلامة بارزة في عائلتنا ، 

وجوه: عايدة زكي مقار


 أذكر أنها في عام 1969 ( أيام أن كان عبد الناصر بيننا يشع كبرياء ويفيض على الناس بمعاني النزاهة الشخصية والإباء على الرغم من هزيمة 1967 حيث كان وجوده انتصارا لروح هذا الشعب الذي رفض الهزيمة ؛ فللهزيمة معنى أعمق بكثير من أن يكون فقط ضربة تلقيناها، هكذا كنا آنذاك شعبا واحدا في مواجهة خطر داهم )



جمال مقار - بانوراما أدبية




    نعود لعايدة مقار التي تخرجت في ذلك العام من كلية زراعة الإسكندرية وعينت مدرسة علوم بمحافظة كفر الشيخ مركز بيللا ( حينها كانت سمعة المركز تطابق الآفاق في بشاعة الجرائم ، ولمن يذكر كان هناك شخصية أطلق عليها نظرا لخطورتها خط كفر الشيخ ؛ ذلك المجرم دوخ الحكومة حتى قتل في عام 1972 في صدام مسلح مع الشرطة المصرية ) 

المباديء والقيم

بعد تعيين عايدة مقار بشهور انتدبت مراقبا للجنة امتحانات الثانوية العامة ، ولما كانت دماغها ناشفة رفضت أي نوع من الغش في اللجنة التي تقوم بالمراقبة عليها ، وبعد انتهاء اليوم الأول من الامتحانات رفضت أن تذهب إلى عزومة القرية للمراقبين ـ وهي عزومة حافلة بأطايب الطعام الريفي من بط ووز وحمام ... لزوم كسر عين أعضاء اللجنة ـ ومضت مع زميلة لها إلى الاستراحة البائسة التي أعدتها الوزارة للمغتربات، في اليوم الثاني مع إصرارها على منع الغش وهي ماضية إلى الاستراحة أطلقت خلفها عدة طلقات نارية في الهواء تلتها دفعة من السباب الفاحش مصحوبة بوعيد بالقتل، لكن شيئا لم يثنها عن أداء واجبها؛ مما دفع هؤلاء المجرمون إلى محاولة دهسها بسيارة جاءت من خلفها ولولا حسن تقديرها وسرعة تنحيها عن الطريق للقيت حتفها ، الأمر الذي دفعها إلى عمل شكوى للإدارة ومحضر في قسم البوليس ، وتكفلت الشرطة بحراستها طيلة الأيام الباقية من الامتحانات، وفي آخر يوم امتحان سد بوكس الشرطة بوابة المدرسة ثم أركبت السيارة التي مضت بها إلى المديرية التعليمية بكفر الشيخ ، هناك استقبلها مدير عام المديرية وأعطاها الأمر الإداري الخاص بنقلها إلى القاهرة ، وصحبتها قوة الشرطة إلى محطة القطارات .

   وعلى ما يبدو أن الأمر الإداري كان مصحوبا بتوصية بعدم انتدابها لامتحانات الثانوية العامة لأنها ظلت ثلاثين عاما حتى انتدبوها مرة أخرى لتراقب ثانوية عامة في منطقة القلعة بلجنة امتحانات منازل ، وبعد نصف ساعة بالتمام والكمال أعطتها رئيسة اللجنة خطابا بإعفائها من المراقبة خوفا عليها .

رحلة المرض

    أصيبت عايدة مقار على مدى ما يزيد عن عشرين عاما بخمسة أنواع من السرطان؛ بدءا من يناير عام 2002 حتى الآن ، أولها سرطان القولون حيث استأصل لها الدكتور ( مدحت خفاجة ) جزءا لا بأس به منه، وبعدها بعام ونصف تقريبا ظهر السرطان مرة أخرى في الغشاء البريتوني ومرة أخرى استأصل الجراح رقعة كبيرة منه، ثم خضعت للعلاج الكيماوي لمدة ثلاث سنوات حتى شفيت ، وفي عام 2017 ظهر مجددا في الأمعاء وقص الجراح عدة أمتار منه ، وبعد ستة اشهر حين تماثلت للشفاء تعرضت لحادث سير بالسيارة التي انقلبت بها في طريق مصر السويس ، ونتج عن الحادث كسر في الحوض وآخر في الركبة ، ركبت لها عدة شرائح ، وبعد عامين أطل السرطان مرة أخرى بوجهه القبيح متغلغلا في الرحم ، ومرة رابعة خضعت لمشرط الجراح ، وعادت تمارس حياتها ، مؤخرا عاد السرطان للظهور في موضع آخر ، وهي الآن تتلقى العلاج ، عايدة مقار لم أرها مرة تتألم أو تتوجع أو تشكو بل كانت تكتفي دائما بالابتسام ، ذلك ما أثار الدكتور ( الصيرفي ) وهو الطبيب المعالج له ، الذي قال لها : 

ـ أنا لم أر في حياتي مريضة مثلك في تفاؤلك وقوة التحمل وعدم اليأس والبعد عن الولولة والنحيب والاكتئاب.
 عايدة زكي مقار توفيت اليوم الجمعة الأول من سبتمبر 2023 بمستشفى المقاولون بعد صراع طويل من المرض .
 السؤال الآن : كيف لمثلك أن ينسى ؟

Post a Comment

أحدث أقدم