أحا، سطوة الجماهير الفطرية في نحت الألفاظ العبقرية



أحا، سطوة الجماهير الفطرية في نحت ألفاظ جديدة
أحا، سطوة الجماهير الفطرية في نحت ألفاظ جديدة


بقلم: هاني منسي



والأمثلة كثيرة على هذه السطوة التي عادة ما يخلقها الكبت والحظر أو ربما مواكبة التغيرات السريعة كنوع من الاختصار الدال والمنجز. ولا تظهر فجأة بل تتسلل مثل قطع صغير في سد منيع يحجز المياه، هذا القطع يسمح بسرسبة القدر الضئيل من المياه التي لا يلاحظها أحد، شيئا فشيئا يتسع ويزداد عمقا ويأخذ معه السد بالكامل في تيار جارف يصعب بعدها تحديد مكان السد أو وظيفته القديمة.

 لعل أكبر دليل على ذلك عبقرية ال"أحا" التي قد يخجل البعض من سماعها أو ينتقص من ينطق بها، وأنا شخصيا لم تكن في قاموسي اليومي إلا من وقت قريب، قريب جدا.

هناك عدد من الروايات عن ال أحا العبقرية هذه


الرواية الأولى، في العصر الفاطمي، تمّ منع كلمة "أحتج" من خلال قانون لدرء الشعب من الاحتجاج أي بهدف القمع، فما كان من الشعب المصري العبقري بفطرته المعهودة إلا أن يختصر الكلمة بتعبير "أحتا"، واستمرت بعض الوقت، فعند اكتشاف الفاطميون للأمر، حولها المصريون إلى "أحا" وعندما ألغى الفاطميون القانون، بقيت الكلمة حتى يومنا هذا حية ترزق.

أما الرواية الثانية، الكلمة اختصار أو الحروف الأولى لـ"أنا حقاً أعترض" أو "أنا حقي أعترض". ومن أشهر الحالات التي استخدمت به الكلمة هو عندما ردد المصريون "أحا أحا لا تتنحى" عندما أعلن الرئيس عبدالناصر تنحيه! فاعترضوا ولبى هو طلبهم بعدم التنحي.

كيف حدث التحول ال أحا إلى لفظة عيب، عيب شخص ينطق بها خصوصا أمام النسوان أو عيب طفل يقولها وارتبطت بإحالات جنسية في الغالب، لا نعرف كيف ومتى حدث ذلك، وتم تحويل الأحا من معنى الاعتراض الى معنى آخر "سافل" وحظر الكلمة العيب هذه ظهر واضحا في الصعيد والريف بشكل كبير في حين أستخدمها أهل المدن بشكل أكبر، واستخدمت كنوع من أنواع السب او الشتيمة وفي الغالب الطرف الآخر يرد بمضاعفة الأحا "أحتين تلاتة" كنوع من المزايدة في السب.

ولما دخلت علينا وسائل التواصل الاجتماعي بشكل لانهائي، أصبح لكتابة الأحا ضرورة في العالم الافتراضي، فوجدوا لها شكل كتابي مختلف A7A في لغة مخترعة تواكب العصر، في الغالب أخترعها رواد مدارس اللغات في لغة تخصهم ثم انتشرت بين أفراد المجتمع بشكل كبير وهي الفرانكو

أحا وأحييه


 وهذه مختلفة تماما عن أحييه الاسكندراني، فلا يخجل الاسكندراني أو الاسكندرانية أن تطلق خمسين احييه في حوار خمس دقائق، ربما جرأة أهل الثغر جعلت الوافدين إليهم يعتادون سماعها دون استنكار في البداية ثم يأتي دورهم في تجريب تلك ال أحييه، وتستخدم في مواقف عديدة ليس فقط الاعتراض، وكانت الأحيية الاسكندراني مستباحة في مواقف ومشاعر مختلفة وربما متناقضة مثل المفاجأة والفرح والخزن والغضب... إلخ



قد تستدعى ذاكرتك الآن مواقف مختلفة مع هذا اللفظ العبقري صناعة الجماهير البسيطة التي فرضت له معنى مميز وفريد، يغنيك عن جملة أو جمل كثيرة، وقد يأتي في ذهنك كلمات مشابهة منحوتة خصيصا لغرض معين أو تم تحريفها لأسباب خاصة. 
(أحا هو ايه اللى أنا بكتبه ده!)

Post a Comment

أحدث أقدم