فيلم ابن حميدو ومتعة الفن






كتب / حسين عبد العزيز

إن هذا فيلم مصنوع على نار هادئة كما نقول ونحن نقف فى المطبخ لطبخ الأرز الذى يتطلب نار هادئة لكى يكتمل نطجه فيحسن تناوله .
إن هذا الفيلم صنع بمزاج عالى من جميع صناع الفيلم بداية من المؤلف إلى المخرج الذى كان كما مايسترو الذى يحرك أعضاء فرقته بالأشارات والنظرات ،وهنا نجد ان كل أعضاء الفيلم قد أبدعوا فى أدوارهم ، هذا الإبداع الذى جعل المشاهد لا يشعر بالملل من تكرار مشاهدته رغم علمه بمعظم الحوار و السيناريو ، لكنه يتعاطى مع الفيلم وكأنه لم يراه من قبل حتى يتحصل على البهجة التى يبتغيها من المشاهدة .
الفيلم رغم بساطته لكنه عميق للغاية وبه أكثر من رساله ، أراد المخرج توصيلها إلى المتلقى ، وقد نجح فى ذلك ؟!
إن الفيلم يناقش قضايا كثيرة ومتنوعة وذات خطورة على المجتمع الجديد ، الذى تعمل ثورة يوليو على إيجاده بشتى الطرق والوسائل ..فمثلا تجار المخدرات ذو اللكنه والمسحه الأجنبية ومعهم عنصر من أفراد المجتمع ، ألا وهو الباز افندم صاحب الثقافة المحدوده والأفكار النفعيه وهذا هو الذى دفعة للعمل فى تجارة المخدرات ، تلك الشخصية التى جسدها الفنان المدهش " توفيق الدقن " وكان رسم الشخصية جميلا والأداء غاية فى الاتقان ، وأبدا لا يمكن أن ننسى اللوحه المعلقة على الحائط الموجد خلف المكتب ومكتوب عليها " الباز أفندى سمسار مراكب وقبانى ووكيل أعمال وساقط توجيهية "
وبما أن الفيلم أنتج بعد بعد الثورة وحرب ٥٦ ، فقد كان لبد من النقد والنقد الحاد لبناء الوطن الذى تحرر من المستعمر ،ونجى من مستعمر آخر اشد ضرواة وشراسة هذا المستمعر الممثل فى ثلاث دول ،تريد ان تهدم الدولة المصرية الوليده ، وتغتال محاولة القيام بأنشاء وطنى مصرى قوى .




_ إن فيلم إبن حميدو من الأفلام القليلة للغاية التى حفظها المشاهد العربى وليس المصرى فقط ، ومع ذلك لا يمل من مشاهدته ، بسبب طريقة صنعه . و من هنا يجب أن نقف ونركز على صناع الفيلم بداية من المؤلف " عباس كامل " الذى وضع فيلما مميز /على الورق الذى اخذه المخرج فطين عبد الوهاب و حوله الى مشاهد موجوده على شريط سينمائي من خلال فريق عمل الكل فيه على إحراز أهدافا .

فرغم ان الفيلم بوليسيا ، لكنه تحول الى مباراة فى الكوميديا وأخذ الكل مساحته كامله ليقدم أفضل وأحسن ما لديه ، ونحن سوف نقف اولا عند أسد الضحك ووحش الإضحاك زينات صدقى التى قدمت لنا دورا ممتعا معبر عن محنة فتاة فاتها قطار الزواج ، وتبحث عن اى عريس وفى خلال رحلتها فى البحث واصتياد عريسا نسمع منها ( إنسان الغاب طويل الناب ، وعذراء الربيع ، و كتاكيتو بنى )

ثم نجد المعلم حنفى أو عبد الفتاح القصرى وهو يصف مركبه الخربان وصفا سياسيا ، فقد قال " نورماندى 2 "وهذا إشارة الى الحرب العالمية الثانية، وقوله فى تهكم مثير للضحك " الجنرال هوبلز " وأبدا لا ننسى قوله الخالد " أنا كلمتى ما تنزلش الارض ابدا ،، فتبحلق فيه زوجته ام حميده وتقول حنفى فيرد " تنزل المرة دى لكن فى معلومك المرة الجايه لا يمكن تنزل ابدا " 

ويستمر الحال هكذا الى ان نجد الزوجة أم حميدة تعترض كعادتها على زوجها وتحاول ان تمشى كلامها فيرفع شيخ الصيادين يده ويصفعها فتزغرد لسعادتها بعود الرجولة لزوجها وهذا درس مهم للغايه يجب أن نعيه جيدا ثم نجد أم حميدة واسمها "سعاد أحمد" عندما هتف لها الصيادون عند تدشين المركب الخربان نورماندى 2 ( تعيش سيدة البحار ) فقالت بصوتها الجهورى ( مش عايزه هتاف خاص ، عايزه هتاف عام ) وتلك إشارة سياسية لفهم سياسى للهتافات ؟!

وقبل أن ينتهى مقالنا أو قرأتنا او بمعنى أوضح مشاهدتنا للفيلم لبد أن نشير الى ماقاله الريس حنفى شيخ الصيادين عن الباز أفندى ليقنع ابنته به كعريس ( ده راجل أنا نفسى اتمناه ، سوف نعود الى تلك الجملة فى المقال القادم إن شاء الله ) وتلك شجاعة لا يمكن أن نجدها الأن وهى تحسب لصناع الفيلم الذى قدم جرعة كبيرة من المتعة !

والآن نذكر قول سيمون دو فوار لانها تذكرنا بأبطال الفيلم "إن الفن كالوحش الذى يعيش على دماء الفنانين " بالفعل هذا القول ينطبق على ابطال هذا الفيلم الممتع فنهاية إسماعيل ياسين و عبدالفتاح القصرى و رياض القصبجى تؤكد على ان الفن ما هو إلا وحشا كاسر كما وصفته الفيلسوفه الفرنسية !! ويريد منا ان نتعامل معه بحذر وخوف وحب وعدم الإستسلام له حتى لا يفترسنا ، كما حدث للكثير من أهل الفن..

وإلى مشاهدة اخرى

Post a Comment

أحدث أقدم