عندما يعبر الأدب عنا ؟!
فيلم البيضة والحجر وأزمة المجتمع
عندما يعبر الأدب عنا ؟! فيلم البيضة والحجر وأزمة المجتمع |
كتب / حسين عبد العزيز
إن الذى ينظر في سلوكيات الناس في أي مكان يكون بها تجمع سكاني به أكثر من واحد ، سوف يشعر بأن مشكلة المجتمع المصري والعربي هي نقص نسبة الوعى لديهم ، أي اقل من المسموح به دوليا وتاريخيا ؟!
فنحن يمكن ان نجد خريج الجامعة يفعل فعل خريج الشارع ، لا فرق ، هذا يثب بالدين وهذا كذلك ، هو لا يهتم بقواعد المرور ، وهم كذلك ..
شيء محير للغاية ان نجد إن ما ينقص المجتمع هو الوعى حتى يتقدم الى الأمام ويكون من المجتمعات التي يشار اليها ..
ومن هذا التمهيد نذهب الى فيلم ناقش تلك القضية بوضوح ، لا لبس فيه .وهو فيلم ( بالبيضة والحجر ، للرائع احمد ذكى ) و من هنا نجد ونرى الفيلم وهو يقدم أستاذ للفلسفة يشرح موضوع فلسفي، لكن
فى المشهد الثاني نجد هذا المدرس يقرر ان يلعب بالبيضة والحجر ، فيرد علية زميلة مندهشا ( يعنى حتدجل ) وكان رد مدرس الفلسفة ( ومين مش بيدجل ) فيرد الزميل والذى قام بدوره الفنان ممدوح وافى ( بس الدجل ده له أصول أنت ما تعرفهاش )
فيرد المدرس " اللى خلاني أعرف قواعد المنطق الرياضي ومبادئ الميتافيزيقا، قادر يعرفني على أصول الدجل "
"يعنى حتشتغل بالشعوذة ؟! "
المدرس يرد بكل ثقة:
" اسمها الشعبذة كما قال ابن خلدون في المقدمة يا جاهل "
وهنا نعلم ان المدرس أخذ قرارا لا رجعته فيه بتغير مسار حياته كله .. دام المجتمع لا يعترف بهذا المسار ويحط من شأنه ، وفى بعض الاحيان يثبه ، فقرر أن يتجه الى المسار الذى يحبه الجميع من المتعلم الى الجاهل من الغنى الى الفقير ،
ونجد المشعوذ الجديد يُعرف الشعبذة وممارسة الدجل بأنها " اللعب الذكى على أحلام ورغبات الناس " ثم نجده يطلق تلك الصيحة المخيفة بل والمرعبة " ويل للعالم إذا انحرف المتعلمون ، وتمهيص المثقفون "
ويجب علينا ان نعرف ان لفظ تمهيص هو لفظ عامي شعبي يشير الى الشخص المهياص أو الى الشخص الأولعوبان أي من الاخر وعلى بلاطة الشخص النصاب ..
والمحزن ان الفيلم يناقش ويبحث عن المسؤول عن تحول مدرس الفلسفة الى دجال، هل الحاجة الى المال أم يأس من انصلاح حال هذا المجتمع الذى يعيش على الخرافة ، ويرتدى خرافة ويركب خرافة ويموت على خرافة ويصدر خرافة ، لأنه يتعلم في المدارس والمعاهد، والكليات بأنواعها الخرافة .. التي تشبع بها الجميع وهنا يجب علينا قبل ان ننصرف من وجه الخرافة وأن نقف عند الكبير فى انتاجها وتصديرها للناس انه صاحب برنامج " العلم والايمان" الذى بنى شهرته على كتاب بسيط الأفكار والعرض ،أي ان كل الأفكار التى اتهم بسببها مصطفى محمود بالإلحاد ، هى كلها أفكار ، الكل يطرحا على نفسه ، والكتاب اسمه ( الله والانسان) الذى قرأته منذ اكثر من ثلاثين عاما ، ووجدت فيه ما لا يدعو الى إتهامه بالإلحاد ، لكن إنسان ما يعش على الخرافة إتهمه بالآحاد ، وهو يبدو انه صدق انه محلد ، فعاش الدور ، واخذ ينشر الخرافة من خلال انتاجه الخرافي.. حتى برنامج العلم والايمان ، الذى اتى بمادته من قنوات عالمية ووضع رأيه على شريط الفيديو ، وكنا نشاهده مع اهالينا ، ونحن مبهورون بهذا الذى نراة ونسمعه ، وقد نجح من خلال المقدمة والنهاية التى يعرض فيهما ما يريد غرضه وقوله وتهيف شئ اسمه العلم ، يحدث هذا كله ونحن نعيش دور أن مصطفى محمود وهو الذى انتج المادة العلمية ، وقد صدق البعض انه هو يصور تلك المادة العلمية ، أي كأنه هو صانع هذا الفيديو والمادة العلمية التي به ؟!
ان فيلم البيضة والحجر ، الذى كتبه محمود أبو ذيد واخرجه على عبد الخالق ، قد استحضر شخصية صحفي كبير و حكاية قرأت الطالع والكشف عن المستقبل باستخدام " سلة" من سلل القمامة وقد مارس الجميع تقريبا هذا اللعبة التى تغيب الوعى لدى الجماهير . وهذا الكاتب كما نعرف جميعا ، أسمه أنيس منصور ، كما اننا يمكن ان نسمع خطبة جمعة او رأى سياسي يعمل على تغيب الوعى عند الجمهور . أو محاضرة فى كلية او فى نادى اجتماعي ، او ندوة من اى نوع .. أو من خلال شاسة التلفاز حيث نرى ونسمع العجب والذى يخلى الشعر يقف ؟!
إن ما ينقصنا فى هذا المجتمع لكى يكون مجتمعا مميزا هو عودة الوعى الذى يقل لدى الناس أقل مما هو مسموح بها لدى البشر.
والآن أنصرف قبل أن أغيب عن الوعى وسوف نعود إلى قضية الوعى فى موضع آخر من فيلما جديد..
إرسال تعليق