عاطف محمد عبد المجيد يكتب:
أساتذة تضييع الوقت
يبدو أننا، نحن العرب، وصلنا إلى ما نحن فيه من تخلف وانحطاط، درجةَ أننا لم نعد نلحق بأذيال الأمم الأخرى، لتفننا في كيفية إضاعة الوقت، الذي هو بدوره رأسمال الحياة والأمم. لقد صرنا، وبلا فخر، أساتذة في تضييع الوقت وبالتالي في إهدار سنوات العمر، دون أن نترك خلفنا أي أثر. ولكي نتأكد من هذا على كل منا أن يسأل نفسه ماذا قدم في حياته له هو أولاً، ثم ماذا قدم لبلده أو لمجتمعه ثانياً؟
هل قدم شيئاً يذكر؟ أم قضى عمره كله ما بين المقاهي والأندية ونواصي الشوارع والجلوس أمام الشاشات بمختلف أنواعها؟
هل حين يحاسب أحدنا نفسه بعد سنوات عديدة انقضت من عمره، ويسأل نفسه: ما فائدتي؟ هل ستكون الإجابة لصالحه أم ضده على طول الخط؟
الشيء الأكيد أننا نحن العرب لا نهتم بالوقت ولا بما يتعلق به، ونتيجة لهذا صرنا إلى ما نحن فيه. وماذا لو فكرنا في عقد مقارنة بيننا وبين الغربيين؟ حتمًا ستكون النتيجة مخزية ومحزنة.. فهم تعلّموا كيف يستفيدون من ثواني أوقاتهم، إما بالعمل وإما براحة تساعد على أن يستعيد الجسم حيويته ونشاطه حتى يقوى على مواصلة العمل من جديد. وأذكر هنا ما قاله ستيف جوبز الذي رحل منذ سنوات وهو من اخترع الآي باد وغيره من المخترعات الأخرى التي أفادت البشرية بشكل لافت، يقول وهو في أيام إصابته بمرض السرطان إن الموت استمرار للحياة التي لا نهاية لها، وعلينا أن نفهم ذلك بأسلوب منتج ومثمر.
هكذا نرى الغربيين يواصلون العمل والابتكار حتى يهجم عليهم الموت، أما نحن هنا في عالمنا العربي فنُحال إلى المعاش ونحن لا نزال أطفالاً، ونُوْقف عقولنا عن التفكير منذ الصبا.
صحيح، لماذا نُتْعب أنفسنا ونُرْهق أدمغتنا، ونفكر في مخترعات وابتكارات تفيدنا وتفيد سوانا، ما دام هناك أناس آخرون يقومون بهذا العمل في النصف الآخر من هذه الكرة الأرضية؟
أوَيعقل أن نتعب، نحن العرب أفضل سلالة بشرية على سطح الأرض والكواكب المجاورة، لينعم سوانا في ما تحققه مخترعاتنا من رفاهية ونعيم للآخرين؟
لقد اخترنا أن نكون مستهلكين وفقط، وهذا هو دورنا الفاعل في هذه الحياة، يكفينا شرفاً أننا نقضم ثمرة مجهودات الآخرين، يكفي أننا نجود بأموالنا الطائلة لنشتري ما يخترعونه هم، ونأتي به إلى عقر دارنا.
حقاً إنها لنظريةٌ فاعلة فعَّالة، نسينا أن نقوم بتدريسها لطلبة الجامعات الذين تتركز كل عبقريتهم فقط في حفظ ما يمليه عليهم أساتذتهم، دون أن يستخدموا مَلَكة التفكير التي ربما يكون كثيرون منهم قد حُرموا منها مبكراً!!
إرسال تعليق