"أيام السبتية"
بقلم: صابر رشدي
الإيمان الإعدادية.ش جزيرة بدران. شبرا.
كان سابقني بسنتين: عماد عبدالحليم. مدحت صالح. وطارق فؤاد بتاع أغنية "لومى".
الثلاثة كانوا عفاريت و أباضيات المدرسة.
عماد هو الأشهر، كان معروف جدا ومشهور في مصر كلها، الله يرحمه، تبناه عبد الحليم حافظ فنيا وماديا، وأحضره هو وعائلته من الأسكندرية، وأسكنهم منطقة طوسون بشبرا.
أيامها كان يغني لنا فى طابور الصباح بشكل يومي: "خلي السلاح صاحي"
وكان لازق طول الفترة فى غرفة الموسيقى مع أستاذ روفائيل، إللي هو في الوقت نفسه عازف القانون فى فرقة الموسيقى العربية، و اللي كنا بنشوفه كل يوم ثلاثاء على القناة التانية في برنامج الموسيقى العربية اللي بتقدمه رتيبة الحفني، يتوسط الشاشة بجسده الضخم وكرشه العظيم وراء الألة العتيقة.
مدحت: بنطلون جينز وقميص كاروهات دائما، سريع الخطى، كان عمدة المدرسة زميل لهم فى الصف الثالث اسمه محمد يوسف، بُرم، ووسيم، وأكثر كاريزمية منهم.
كانت مدرسة متميزة، تابعة لجمعية قبطية، كنا نأخذ أجازة يومين، جمعة وأحد، ودا كان مثار حسد أصحابي بتوع السبتية اللي كانوا فى مدارس القللي وبولاق. والدراسة كانت عندهم ٦ أيام في الأسبوع.
العيال الأقباط إللي في المدرسة حريقة مذاكرة، ومؤدبين بطريقة تغيظ، معقمين، تحس إن العيل منهم هيطلع طبيب يعنى طبيب، أو بيجهز نفسه يسافر أوروبا أو أمريكا.
أذكر، فى الصف الثالث الإعدادي، مع نهاية الترم، والمراجعة النهائية.
قال لنا الأستاذ ماهر. مدرس اللغة الإنجليزية:
بصوا يا ولاد: كلها أيام وكل واحد هيروح مرحلة دراسية تانية، يعني موش هنشوف بعض إلا بالصدفة، اسمعوا جيدا: من رآني منكم بعد التخرج وأراد تحيتي، فليكن طبيبا، أو مهندس، أو ضابط،، ألخ
أما إذا طلعت أوتوبيس، ولقيت واحد يقول لي خلي عنك ياأستاذ، أنت موش فاكرني؟ أنا فلان كنت تلميذك فى الإيمان، بقيت كمساري قد الدنيا، سأقول له لا أعرفك، أو أروح أقعد على قهوة ألاقي إللى بيحط المشروب ومعاه ١٠٠ يمين إن المشروب ده تحية لي، أنا تلميذك فلان، أقول له معرفكش، أوسواق ميكروباص، هاشرب من دمه.
كان مربيا فاضلا متميزا طلع عينه معايا، كنت أقابله فى مكتبة الإنجلو، وكان يصعق من عيل فاشل يعرف وسط البلد والإنجلو، ومستواه فى التعليم زفت.
الاستاذ صبحي، مدرس الرياضيات، لما دخلنا الصف الثالث، ناداني بعد نهاية الحصة الأولى، ماتمشيش، قال لى: عارف يا صابر يا رشدي، أنت كنت راسب فى الرياضيات، أنا اللي صححت لك الإجابة، أضفت لك درجات النجاح بعدما جاوبت عن سؤالين كتبتهما بيدي اليسرى، ركز السنة دي، حرام تسقط، أو تجيب مجموع ضعيف، الفشل لم يكتب لك.
كان الأستاذ صبحي يراني هناك عند سينما مترو أو ميامي، وكان ينبهر بثقافتي وقراءاتي المبكرة ويعتقد أني سأكون حاجة في المستقبل. ويقول أنه لم ير طالبا يملك هذه الطاقة، معددا مزايا أخجل من ذكرها.
للحديث بقية...
تحديث:
معظم حكايات هذه الفترة تم العمل عليها واستحضارها في المجموعة القصصية "شوكولاتة نيتشه"
إرسال تعليق