غيَّرتُ عنواني
هوشنك أوسي
سأبيتُ ليلي هذهِ، في صخرةٍ،
تعترضُ طريقي، كُلَّما اتجهتُ شمالاً،
وتعترضُ على صمتي؛ كاتبُ سيرتي الخفيّة.
أمامي سفرٌ طويلٌ، صباحَ الغدِ.
مسافةُ سبعِ قًرى، وسبعينَ امرأةً.
قلبي؛ يَستعجلُ موتي،
وعقلي أيضًا.
قلبي ثرثارٌ،
دائمًا يفضحُ مخابئي السِّرّيّةَ
في خرائنَ نساء مِن قمحٍ وبُنٍّ وقطن.
احترتُ به!
ليسَ عَدُوّي،
لكنه يَدلُّ قتلتي عليَّ،
وعقلي؛ يواري جُثثي الكثيرة،
تحتَ ألسنةِ الأسئلةِ،
وأسنِّةِ الذّاكرةِ وأنقاضها.
***
هذهِ اللّيلةُ اليتيمةُ، سأبيتهُا في شجرةِ تينٍ جبليّة.
غَرَسَها مُهرِّبٌ كُرديٌّ في جبلِ "باكوك"،
واجتازَ الحدودَ جنوبًا،
مُحمَّلاً بأحمالِ التَّبغِ والزِّبيبِ والتِّينِ المُجَفَّف.
انفجرَ به لغم، حوَّلهُ أسرابًا مِن قصائدَ غيرِ مكتملةٍ.
ذلك المُهرِّب، كان جَدَّي.
واللُّغمُ؛ قلبُ جَدَّتي.
***
الجوّ باردٌ، تتراقصُ فيهِ الرِّيحُ
كحشودٍ مِن السّكّاكينِ المُعفَّرةِ بالملح،
تُنذرُ بعاصفةٍ زرقاءَ،
أوَّلها عينا أُمِّي،
وآخرُها ضريحُ أبي.
كأيِّ راهبٍ أنيقٍ، بَدَّلَ دينَهُ ويَقينَهُ،
بقُبَلةِ مِن كرزِ امرأةٍ سريانيّة،
سأبيتُ ليلتي هذه، في القُدس.
غدًا أمامي سفرٌ شاقٌّ وطويل،
مسافةَ تسعَ وتسعينَ خيبةً،
وتسعِ نساءَ من برتقالٍ، عنبٍ، تمرٍ وسُمَّاق.
أمضي نحو معبدٍ قديمٍ مُنهارٍ، يُقالُ لهُ: العِشقُ.
كي أرمِّمَهُ، وأسكُنَهُ،
ثمَّ أهُدَّهُ على رؤوسِ المؤمنينَ بِي،
مِن أعداء وأصدقاء، عشيقاتٍ، فلاسفةٍ، لصوصٍ وقتلة.
هذهِ، ليست ليلتي الأولى في القدس،
ولن تكون الأخيرة في هولير.
مُذ غيَّرتُ عنواني،
ما عادَ هناك أحدٌ يَدلُّ أراملي على أضرحتي
المنتشرةِ في نصوصي.
أنا، كما لم تعرفوني من قبل؛
تُفَّاحةٌ خضراء، أوسعها الحزنُ قضمًا،
وردةٌ يابسةٌ داخل كتاب،
كأسٌ نبيذٍ في يد حسناء،
فنجانُ قهوةٍ باردةٍ، أعياهُ الانتظار.
كما لم تعرفوني من قبل؛
أنا؛ كلُّ نصوصي، ونصفُ جرائمي،
ثلثُ أسلئتي، وربعُ أوهامي،
وأضعافُ أضعافُ أحزاني.
ولكي تعرفوني أكثر،
لن أغيَّرَ عنواني.
28/2/2024
أوستند - بلجيكا
إرسال تعليق