قراءة فى قصة ( حب صوفى ) للكاتب الكبير الاستاذ سيد الوكيل
أولا: النص
__
قصة حب صوفي للكاتب سيد الوكيل
___
كان أبي (باترونيست حريمي ). مهنة تأتي بعد مصمم الأزياء، لتصنع من خياله وجودًا جماليًا.. أليس هذا ما تفعله الكتابة بنا؟؟ تداهمنا بالأحلام والأخيلة، نكتبها فنخلق منها وجودًا حيًا؟
الآن.. حتى بعد كل هذه السنين، وأنا أجلس على مقعد متحرك أمام بحر صامت بلا موج، أدرك أن حكايات الجمال الأولى لم تهجرني بعد. كل شيء يحضر كأنه يحدث الآن، فأرى عيني أبي مفعمتين بفرح شفيف، عندما يرى الفستان ينطق على جسد صاحبته، ويبوح بكل تفاصيله.
بين كان.. والآن يقبع التاريخ، ويهرم، ليصبح صورًا تتماهى فيما بينها، تسكن أحلامنا، وتخايلنا بشغف البدايات، وروائح الأزمنة.
التفصيل كلمة يستخدمها أبي حين يتكلم عن مهنته، يعبر عما فيها من طاقة حسية بيديه وبكل ملامحه. تبدأ وهو يتحسس ملمس القماش عندما يخرجه من لفافته، وتنتهي وهو يتأمله على جسد الزبونة، ينطق بالحياة. يا له من مبدع خبير بأجساد النساء، جدير بأن يمنحهن تفاحة الحياة التي أغوت جدنا القديم. كان يعد لهذه اللحظة بغوايات أليفة، يدعوها أن تجلس على هذا المقعد الوثير، المكتنز بسحر قديم يحفظ أسرار أجسادهن العابرة، ويدعم انفعالاتهن بيقين غامض، وهن يتصفحن مجلات الموضة التي يقدمها لهن: هذه بوردا الألمانية، وهذه (elle ) الفرنسية، لكن (جراتسيا ) الإيطالية قد تكون الأنسب لكِ يا مدام. يشير إلى المقعد وهو يمد يده إليها بمجلة:
- وهذه مجلة حواء.. خذي راحتك يا مدام.
بمجرد أن يتواصل جسدها مع المقعد الوثير، تبدأ حلمًا بفستان يبرز جمالها، تأمل أن يجعل أبي من أحلامها واقعًا. سيعطي لها ظهره لتأخذ راحتها، وتحلم على مهل، لكنه سيراقبها من خلال المرايا..
للمرايا هنا دور مهم، يجب أن تتوزع في المكان بدقة لتعكس انفعالات الزبونة. يراقب ملامحها وهي تلتقط إحدى المجلات من فوق المنضدة المجاورة، يسجل الأبعاد الثلاثية لجسدها في ذاكرة رسام، متخيلاً تلك اللحظة الأخيرة، وهي تطلق أفراحها أمام مرآة غرفة نومها.
في البداية، تتصفح المجلات بأصابع متوترة، بضع دقائق وتسترخي تمامًا، وتترك لجسدها حق التعبير عن نفسه. هي الآن تحاول محاكاة عارضات الأزياء اللاتي يبتسمن لها من بين صفحات (elle). سيمنحنها شيئًا مثيرًا بالتأكيد. تلك صورة لشقراء تبتسم بأسنان ماسية، وشفتين تغوي بالتهامها. دونما وعي، تعض شفتها السفلى وتتنهد بعمق، فيفوح عطر تخبئه بين نهديها. تنتبه لنظرات البترونيست في المرآة المقابلة، ترتبك للحظة، ويطوف بوجنتيها حمرة خفيفة، تتخلص منها سريعًا عندما يمنحها ابتسامة آمنه، فتشعر بأن جسدها الآن حر. هو جنتها المحرمة، لقد جاءت إلى هنا من أجله، لتتركه يتجول بين الصفحات، ويطوف على عارضات الأزياء كما يشاء. لهذا لن تشعر بساقها اليمني وهي ترتفع لتستريح على اليسرى، وتنزلق إلى الأمام قليلاً لتعكس ظلالا خافتة بينهما؛ لا يراها غير الصبي الذي يقف أمامها بزجاجة الكوكاكولا المثلجة.
لم تنتبه إليه أصلاً. كانت منشغلة عنه، تقارن بين ساقيها القصيرتين، وساقي عارضة الأزياء الباريسية. تتأمل جلستها الواثقة على مقعد (لوي كانز) بلون النبيذ الأحمر، وتبرز نهدين يسبحان تحت فراء من الفيزون الأبيض، فيما تضع على ركبتيها حقيبة جلدية من تصميم (لويس فيتون)، ذلك الفرنسي الذي مشى أميالاً على قدميه قاصدًا باريس، ليكون أسطورة في تصميم حقائب النساء.
- تفضلي يا مدام
قالها الصبي وهو يقف على بعد خطوة من ساقيها، لكنها لم تنتبه لصوته الهامس. كانت تحادث نفسها، تنظر في المرآة المقابلة وتتأمل صدرها ورقبتها: "ليست طويلةً بما يكفي لتظهر من فتحة الصدر الضيقة لهذا الموديل:
" الشانيل يناسبني أكثر، طويل ويجلعني أبدو رشيقة في عيون الناس، فتحة صدره واسعة، وسوف أجعل شعري قصيرًا مثل شعرها لتظهر رقبتي. إنها تشبهني أكثر، سمراء مثلي، و.."
- تفضلي يا مدام..
قاطعها الصبي، قالها هذه المرة بصوت عال، فهربت أحلامها، عندئذ انتبهت لوقفته بالقرب منها. منحته ابتسامة ممتنة، حاولت أن تعدل جلستها لتتمكن من أخذ زجاجة الكوكاكولا، عندئذ أحست بنظراته تنزلق على ساقيها، ارتبكت، أشارت بسبابتها إلى المنضدة المجاورة:
- ضعها هنا وامش.
بسرعة اختفي الصبي خلف ستار ثقيل يداري سلم (الصندرة ) الخشبية. مرحًا كان، موسومًا بخفة منحها له حذاء ماركة (باتا ) اشتراه أبوه بالأمس، وراعي أن يكون مناسبًا لتلميذ سوف ينتقل إلى المرحلة الثانوية. العام الدراسي الجديد على الأبواب، وبدأت أطياف الشتاء تلوح، ولم يعد الصندل القديم يليق بقدميه الكبيرتين. توقف فجأة عندما وصل إلى الدرجة الأخيرة من السلم. لم يكن ينوى ذلك أبدًا، كان يفكر في ردة فعل الزبونة التي تجلس على المقعد الوثير، ويبتسم ابتسامة تلاشت بسرعة، عندما باغته ذلك المشهد.. سمراء تجلس على ماكينة الخياطة، تتصفح إحدى المجلات المكومة على مقعد بجوارها، وتترك لساقيها براحًا ساحرًا يشع من تحت الجوب القصير. لم يفكر أبدا، أن هذا المشهد سوف يرسم المخطط الحيوي لحياته كلها. نعم كلها.. حتى في تلك اللحظة التي يجلس فيها على مقعد متحرك، أمام بحر صامت بلا موج كأنما يشاركه وحدته:
"إنها صوفي منير حنا، مسيحية متدينة من أخميم، قليلة الكلام وكأنها تخجل من صوتها الناعم المثير، فقط تعلق ابتسامة خافتة على شفتيها، وتومئ برأسها كيمامة. بشرة نحاسية لجسد رشيق، يغريك أن تلمسه برهافة عازف فيولينا. أنهت تعليمها بعد المرحلة الثانوية لتساعد أسرتها الفقيرة، لكن حصص الأشغال، والتدبير المنزلي في المدرسة، رسمت شغفها الأصيل لخياطة الملابس، حلمتْ لسنوات بامتلاك ماكينة خياطة، عندما تأكدتْ أن حلمها لن يتحقق، عملت مساعدة لجارتهم (أم سعاد الخياطة ) بضع شهور وهاجم الروماتويد ساقي أم سعاد، فاعتزلت المهنة تمامًا بأمر الطبيب. "
ذات مساء، طرقت صوفي الباب الزجاجي لمحل ترزي بالقرب من دير الراعي الصالح. ربما أغرتها لافته المحل المبهمة (بوردا.. خياط حريمي ) وربما ظنها أبي زبونة جديدة، فرحب بها. لكنها باغتته بصوت ناعم خجول:
-حضرتك محتاج خيّاطة؟
تأملها أبي للحظات، ابتسم :
- خياطة! أنت مانيكان يا بنتي.
زاد خجلها فاكتست بشرتها بلون النحاس الساخن. ابتسم أبي وقال:
- ما اسمك؟
- صوفي
- أتجيدين الخياطة على الماكينة يا صوفي؟
هزت رأسها بالإيجاب، ولمعت عيناها بفرح دامع.
الصبي الذي وقف على الدرجة قبل الأخيرة لسلم الصندرة كتم أنفاسه. وهو يحدق في ساقيها اللامعتين تحت ضوء لمبة الفلورسنت، ارتعشت خلاياه بدفقة هرمونية خجلى، فيما هي منهمكة في قراءة المجلة. لا يدرى كم بقى في وقفته، وهو يمد البصر لأبعد نقطة يسمح بها الجوب القصير، لكنها انتبهت فجأة، وهبت واقفة. ليداري الصبي خجله سألها: ماذا تقرئين يا صوفي؟
- قصة لصوفي عبد الله.
دهشته تلاشت ببطء عندما نبهته إلى أن صوفي عبد الله شخص آخر غيرها. ربما فتر حماسه قليلا، ولكنه من باب الفضول سألها:
- ممكن اقراها؟
مدت يدها بالمجلة وهي تبتسم كعادتها كلما سمعت نبرة صوته؛ الذي تغير كثيرًا خلال الشهور الأخيرة. أصبح خشنًا، ومثيرًا لابتسامتها الماكرة، تلك التي ترسمها على شفتين رخوتين، كأنهما تتهيئان لقبلة، فيما هو يقرأ:
" عضت تفاحة على شفتها السفلى بأسنانها اللؤلؤية كي تمنع الدمع الحبيس في عينيها النجلاوين أن ينهمر على خدها الناعم البض..."*
هل كان يحتاج للحظة كهذه؟
لحظة يتآمر فيها الوجود ليرى شغفه المخبوء، ذلك الذي رهن حياته كلها بعوالم مراوغة لا يعرف لها نهاية. حتى وهو يجلس الآن على مقعد متحرك، ويحدق في أفق بلا سحب، وبحر بلا موج. يراه يتشكل بذكرياته الأولى، وهو يتردد على باعة الكتب والمجلات القديمة. يفترشون الأرض أمام مدرسة الراعي الصالح، ويحتلون سور مدرسة التوفيقية بشارع شبرا. وقتها.. لم يكن في نيته أي شيء سوى أن يعثر على قصص صوفي عبد الله. لكن مؤامرات الوجود لا تيأس أبدا من مطاردته، حتى بعد كل هذا العمر. الآن يتذكر تلك اللحظة بكل تفاصيلها وهو يقف أمام سور الكتب. صياح الأولاد وهم يلعبون خلف سور المدرسة، الترام الذي انفلتت سنجته وأحدثت شرراً مخيفًا.. بائع الكتب النحيل ذي العين الواحدة الذي لم يكف عن متابعته وهو يتفحص الكتب واحداً بعد الآخر.
حتى الآن هو لا يعرف، كيف استطاعت عين واحده أن تقرأ ما بداخله! و لا يعرف لماذا استسلم لبائع الكتب، وهو يمد له يده برواية أحدب نوتردام!. وقتها هو لم يكن يعرف معنى أحدب، ولا نوتردام تلك، لكنه رأي القبح والجمال على غلاف واحد، ورأي اسم صوفي عبد الله بينهما. القبح مسخ مشوه اسمه كوزامودو، والجمال غجرية سمراء، اسمها أزميرالدا، بشفتين رخوتين، تشبهان شفتي صوفي منير حنا، التي لم يتمكن من تقبيلهما أبدا.
على مقعد متحرك، يرسم ابتسامة متهكمة من خيال رهن حياته بحب مستحيل. الآن يظن أن صوفي منير كانت مجرد طيف، خيال منحه عشقًا مراوغًا حتى أنه لم يعد يعرف أيهما صوفي منير وأيهما أزميرالدا. يبتسم:
"لتبقى الكتابة هي الدليل الوحيد على وجودهما، والعهدة على صوفي عبد الله "
لا شيء الآن سوى هزات رأس تربت على ألم قديم، يوم عرف من أبيه أن صوفي منير تركت العمل فجأة واختفت. حتى الآن لا يعرف لماذا فعلت ذلك، تتركه ليخوض وحده عشقًا مستحيلاً ومراوغًا، كل ما يذكره أن أباه كان يتجنب سيرتها، ويحدق في فراغ مشابه لما يحدق فيه الآن.
"هل وقع أبي في غرامها أيضا؟"
يلقي برأسه إلى الوراء، ويغمض عينيه. مستسلما لنسمة هواء عابرة، مفعمة برائحة البحر، عندئذ رأى نفسه، صبيًا يقف على الدرجة قبل الأخيرة من سلم الصندرة الخشبية. يحدق في ساقين جميلتين، فتعاوده دفقات هرمونية أثارت دهشته:
- ياااااه .. حتى بعد كل هذا العمر؟ ترى.. أين أنت الآن يا صوفي؟
قالت بصوتها الناعم: في دير الراعي الصالح..
عندما فتح عينيه. رأي البحر ساكنًا كما هو، والفضاء بلا سحب، فهمس لنفسه: لا شيء يموت بداخلنا.. نعم .. كان أبي ( باترونيست حريمي ) مهنة تأتي بعد مصمم الأزياء، لتصنع من خياله وجودًا جماليًا..أليس هذا ما تفعله بنا الكتابة؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مفتتح قصة (عاصفة الصيف ) للكاتبة: صوفي عبد الله. إحدى رائدات الأدب المصري (1925 – 2003م)
______
ثانيا: القراءة النقدية
بقلم زكريا صبح
كلما سمعت كلمة صوفى تحسست قلبى ، وكذا كلما قرأت كلمة صوفى تعلقت بها لاننى اعرف انها بسبيل معراج سماوى ينتهى بالروح الى الصفاء وينتهى بالقلب الى السكينة وينتهى بالنفس الى النقاء ،
جرس انذار دقه الكاتب قبل الشروع فى القراءة ، فهل قال اخلع نعليك انك بوادى الكتابة المقدس ؟ وهل قال اننى انا الكاتب فاستمع باذن قلبك لما تقرأه عيناك ؟
شيئ من هذا القبيل سيداعب عقلك ، استدعاء لكل معانى الصوفية واستشراف لكل عوالمها النقية ، فاذا ما صنعت مقارنة حتمية بين المقولة الشائعة عن حب الرجل_ اذا كان منزها عن الغرائز _ انه حب افلاطونى و المقولة التى بين ايدينا الان _ حب صوفى _ اقول اذا ما صنعت مقارنة من هذا القبيل هزة مؤقتة فى نفسك فاعلم ان الكاتب قد اخذ بلباب عقلك واحكم القبض على زمام قلبك
لحظة لابد ان تتهيأ فيها للقراءة
لانه سيلعب معنا لعبة فنية رائعة سيحطم من خلالها اوهام القواعد الثابتة للقصة القصيرة
أولا
درجنا على ان القصة القصيرة ذات زمن قصير ولذا ارتبط تعريفها بلفظة ( اللقطة ) واللقطة لا تكون الا فى لحظة او جزء من اللحظة ،
لكن الكاتب هنا يعتمد الفلاش باك الممتد فى عمق الماضى الفائت غير المقيد بزمن محدد ، ولكنه اذ يفعل ذلك لا نشعر معه بطول المدة لانه ترك ايحاء فى نفس قارئه انه اى البطل لم يبرح مكانه على شاطئ البحر وبالتالى شعرنا كأن الاحداث تقع فى هذه الاثناء
ثانيا
تعلمنا ان القصة القصيرة ذات شخصيات محدودة وحبذا لو تقلصت الى شخصية واحدة
فى هذه القصة تعددت الشخصيات ولم يكتف الكاتب فيها بالتركيز على بطل القصة الذى سرد لنا الحكاية فى لحظة تجلت له فيها الاحداث الماضية كأنه يقرأ من بلورة سحرية ، لم يكتف به بل ذكر لنا طرفا من حكايات جانبية شكلت فى مجموعها متن القصة المكتنز رغم طوله فرأينا الاب ذلك الباترونيست الذى سبر الكاتب اغواره من خلال حرفته النادرة ونقل الينا حالته المزاجية اثناء متابعته للسيدات اللائى يأتين اليه لعمل الفساتين
وايضا هناك حديث عن امرأة مثلت مثيلاتها من اللائى يترددن للحصول على فستان ( عمولة )
وفى مقابل ذلك نجد ( المرأة ) الموديل التى تظهر صورتها فى صفحات المجلة ولكن الكاتب بحنكته يبث فى الصورة حياة حتى لكأننا نشعر انها تتحرك وتتكلم وتنافس المرأة الناظرة اليها
ولدينا بطلة القصة التى توازى فى دورها بطل القصة الذى وقع فى حبها واستفاض الكاتب فى وصفها المعنوى والروحى مما جعلنا نشعر اننا فى حضرة ملك من الملائكة ، انها صوفى منير حنا تلك التى كانت سببا فى قراءتنا لهذه القصة ، فلولاها ما هام بها الصبى حبا ولا وقع فى غرامها والده ، ولولا شغفها بالقراءة ما عرف البطل انه منذور للكتابة
ورغم كثرة الشخصيات الا ان القارئ لن يشعر بذلك لانها جاءت بصحبة البطل ، كأنهم اتوا ليكملوا قصته ، وكأنه لم يكن الا بهم ، لمحات خاطفة كانت كفيلة بجعلهم فى بؤرة الحكاية وهم فى الحقيقة كانوا ظلالا لها
ثالثا
مخاطرة كبرى خاضها الكاتب بحنكة المتمرس حيث انتهى بما بدأ به ، وليس من اليسير اعتبارها قصة دائرية لانه لم يبدأ الحكاية بحدث ثم عاد اليه مجددا ، لكنه بدأ بتقرير لا يقبل المناقشة ثم عاد اليه ليؤكده من جديد (
كان أبي ( باترونيست حريمي ) مهنة تأتي بعد مصمم الأزياء، لتصنع من خياله وجودًا جماليًا..أليس هذا ما تفعله بنا الكتابة ؟)
لكن ترى ما الذى يريد ان يؤكد عليه ؟
اظنه اراد ان يقول اننى امتداد لابى الباترونيست الذى يحيل التصاميم النظرية الى واقع ملموس وانا لست غريبا عن تلك الفكرة فقد اصبحت احيل الخيال الى واقع ملموس عبر الكلمات والكتابة
هذه هى الفكرة الاولى التى تلفت نظر القارئ وستبقى فى ضمير القارئ
والفكرة الثانية التى سيتوقف القارئ امامها كثيرا هى لحظة (الكشف ) بلغة اهل التصوف ، هذه اللحظة وضحت فى موقفين مهمين فى القصة ،،الموقف الاول لحظة التقى الشاب الغض المقبل على مرحلة الرجولة حيث تقع عيناه على ما اثار غرائزه عندما رأى الجمال الظاهر البادى من صوفى فخلب لبه ، وفى اللحظة ذاتها تحول من غريزى الطباع الى روحى الميول عندما وقعت يده على رواية للكاتبة صوفى عبد الله ، هذه اللحظة هى لحظة الكشف الصوفى الكبرى كما ينكشف للصوفى العابد فى لحظة تعبد خاطفة فينال ما عند الله من علم قد يغير مصيره فى الدنيا والاخرة ، وهذا ما حدث لهذا الشاب اذ انكشفت له موهبته فى الكتابة وهى بلا شك هى اللحظة التى غيرت مصيره حتى جعلت منه كاتبا استطاع التعبير عن نفسه
ولحظة كشف اخرى رأيناها فى اللقطة الاخيرة من القصة مثلت مفارقة مدهشة للقارئ حيث وجدناه متواصلا روحيا مع حبيبته رغم طول المدة وبعد الاماكن ، هذه اللحظة التى اقصدها لحظة ان رددت عليه وهو يسألها اين انت يا صوفى ؟؟فردت عليه : انا فى دير الراعى الصالح
لقد ترهبنت صوفى
لم يبق لى الا ان المح الى التناص بين عنوان القصة ( حب صوفى ) واسم البطلة صوفى منير واسم الكاتبة صوفى عبد الله
إرسال تعليق