هوامش على رواية "تحت الملاحظة"


الروائية مها صبري



هوامش على رواية "تحت الملاحظة"، الروائية مها صبري
هوامش على رواية "تحت الملاحظة"، الروائية مها صبري


كتب / حسين عبد العزيز



هذا هو عنوان ورواية للروائية مها صبري التي أقرأ لها لأول مره . وعنوان روايتها أحالني إلى مهنة الطب عندما يدخل المريض إلى غرفة العناية المركزة ويكون تحت المراقبة والملاحظة ، وأيضا عندما يوضع المتهم تحت المراقبة والملاحظة من قبل المباحث ، أو عندما ترتاب الزوجة فى زوجها فتضعه تحت الملاحظة ، وكذلك الزوج يفعل هذا مع من يرتاب فيه من افراد العائلة ، وأيضا فى العمل عندما يرتاب المدير فى أحد الموظفين فيضعه تحت المراقبة والملاحظة .
وهذا هو نظام الدول الشمولية التي تضع مواطنيها تحت الملاحظة .

ومن هنا سوف نجد أن كل شخصيات الرواية من بدايتها إلى نهايتها تحت الملاحظة ، والرواى الذى هو كل شخصوص الرواية يضع الكل تحت الملاحظة ، وهذا يعنى أن الكل يراقب الكل ، ويسجل عليه أفعاله وأحلامه إن أمكن ذلك ، وهذا هو نظام المجتمع الدستوبى ، أي المجتمع الفاسد المجتمع المأزوم ، المجتمع الذى لا يدري. أنه كذلك ، وهذا يوضح لنا أن الكتابة كانت تستقى احداث روايتها من الواقع الذى تعيش فيه أو الذى تسمع عنه .

ومن هنا يمكن أن نجد تماهى بين شخصيات الرواية وشخصيات أخرى فى أعمال أدبية قرأتها وعندما اندمجت مع الواقع الذى تعيش فيه وجدت نفسها تعيد صياغة الذى قرأته بصيغه اخرى تضيف بعدا فلسفيا جديد لروايتها .

ففى الفصل الخامس نشاهد فى رواية او فيلم "السمان والخريف" لنجيب محفوظ حيث البطل اليأس المأزوم ، والذى ترك القاهرة وذهب إلى الإسكندرية ليقابل ريري وهذا سوف يوجب على أن أطرح سؤالا مهما " هل كان يمكن أن تحذف الكاتبة الفقرات التى تتعلق بالجنس .

هنا يمكن أن نقول لا ، لأن البطل مأزوم منذ أن شاهد أمه عارية فى أحضان رجلا غيره ، وهو طفل ، وهنا يجب أن نشير إلى اوديب وعقدته و مأساته التى استخلص منها العالم النفسى سجموند فرويد نظرية عقدية اوديب التى يعتمد عليها فى التحليل النفسى وهذا ايضا يحيلنا إلى رواية الشحاذ ، حيث البطل المأزوم والذى يجد سلوته فى الجنس مع ساقطة التقطها من الشارع .

إن هذا التماهي بين اشخاص الرواية وابطال نجيب محفوظ لشيء جيدا جدا لكن نرجو أن تتخلص الروائية سريعا من أبطال الغير ، وتجتهد فى نحت أبطالها هى . وإن تهتم بالمحرر الأدبي الذى يجب أن يكون موجودا فى داخل ذات المؤلف ذاته ، حيث يمارس عملية المراجعة والحذف والتعديل حتى يخرج النص من بين يدى المؤلف إلى يد القارئ وهو على أكمل وجه .

إن رواية تحت الملاحظة تقوم على طيب مخصص فى الطيب النفسي ، يعمل في مستشفى حيث يستمع إلى المرضى ويضعهم تحت الملاحظة ، ونفاجأ أن الطيب ذاته عنده مشاكله النفسية التى كان يهرب منها إلى الجنس وهو غير قادر على أن ينسى أنه شاهد أمه نقطة ضعفه وهى تمارسه مع شخصا آخر ، والآخر هذا هو الذى أفسد حياته النفسية وجعلة غير سوى كما معظم ابطال الرواية ، وأيضا مثل معظم الناس فى الشوارع التي تعد أكبر مستشفى يتجمع فيها المرضى ، وأيضا زملاء العمل الكثير منهم بل كلهم نضعهم تحت الملاحظة .

انا افعل هذا ويمكن أن أتحدث عن أحدهم الذى قال عنه الروائي الروسى دستوفسيكى " إذا مات الله فكل شيء مباح " وهذا الزميل الله لا يوجد داخله ، فيفعل كل شيء لأنه لا يعرف شيئا اسمه الحرام ، ومن لا يعرف الحرام فهو لا يعرف الله ومن لا يعرف الله فلا تندهش مما يقوله ويقوم به .

ومن هنا يمكن أن نقول أن الروائية كانت موفقة فى اختيار العنوان وفى بناء الرواية ، رغم وجود بعض الهنات التي كان يمكن الاستغناء عنها لو انها لم تتعجل فى نشر الرواية !

Post a Comment

أحدث أقدم