كهرمان
(قصة قصيرة)
عبير حسني
تجمعت سمكات المحيط الفضية للقيام بجولة ليلية ،كالعادة كل مساء يمرون بالسفينة الشبح ،والتي طالما أثارت الفضول لديهن .
الخوف من المجهول دائما ما يقطع عليهن متعتهن...
توقفت احداهن مشدوهة وقالت لرفيقاتها:
أرى ضوءا خافتا يصدر من السفينة.
نظرن اليها ولكنها لم تجد رداً لكلامها،حتى قالت احداهن: اعتقد أنها احدى الجواهر الثمينة التي غرقت مع كنز القرصان الأعرج
قالت اخرى بعدما انتهت من مداعبة احدى السمكات الصغيرةبجانبها :لا يا رفيقاتي انها جثة سمكة فضية،أكاد أرى عينيها اللتين تشبهان الكهرمان ..
تعالى صياحهن وكلا منهن تصر على رأيها
صدرت عنهن التفاتة لأكبرهن وكانت تتابعهن في صمت ووقار.
فطلبن منها حسم الخلاف بينهن...
تمهلت السمكة الحكيمة ثم قالت بهدوء:
أعتقد يا رفيقاتي العزيزات انكن جميعاً على حق،فتلك السفينة تحمل الكثير من الأسرار الغامضة ،ثم سكتت عن الكلام الذي لم يرق لرفيقاتها،حيث كانت كل واحدة منهن تنتظر مساندة لرأيها دون الأخريات ..
تلاقت نظرات خبيثة واكتملت المؤامرة الشريرة وتحركن فجاءة يدفعن بالسمكة الحكيمة الى السفينة الملعونة ،أحكمن تقييدها الى نافذة متهالكة..
كانت تصرخ لاستجداء عطفهن دون جدوى ،وقالت : هل هذا جزاء الحكمة يا رفيقاتي!
ردت اصغرهن قائلة :لم نكن نطلب حكمتك ،كنا نحتاج رأيك.
توالت اضطرابت المحيط وحل موسم ذوبان الثلوج ،فعادت السمكات المهاجرةالى المحيط ...وفي طريق عودتهن توقفت احداهن امام السفينة الملعونة قائلة لرفيقتها : اترين هذا الضوء الخافت الصادر عن السفينة؟
اجابت الرفيقة : نعم انه ضوء خافت ،وتابعن المسير ،هنا تنهدت السمكة وابتسمت بارتياح ،فقد احسنت الرد على رفيقتها.
كى لا تلحق بجدتها التي كانت تنظر إليها وهى مقيدة متجمدة بتلك النافذة وعيناها كالكهرمان الحزين، فقد حصلت الحفيدة على حياة تمنحها فرصة الحكمة ،لكن عندما يأتي موسم يصلح للحكماء.
إرسال تعليق