تحليل مسرحية القرد كثيف الشعر
مسرحية الغوريلا تأليف يوجين أونيل
المدرسة التعبيرية
المدرسة التعبيرية هي التي تصور أعماق النفس الإنسانية، وتجسيد مکنونات العقل الباطن، فالإنسان الحقيقي في نظرها يكمن في أعماق ذاته، تستهدف، في المقام الأول، التعبير عن المشاعر والحالات الذهنية التي تثيرها الأشياء أو الأحداث في النفس، وترفض مبدأ المحاكاة الأرسطية، تحذف صور العالم الحقيقي بحيث تتلاءم مع هذه المشاعر الذاتية، وذلك من طريق تكثيف الألوان، وتشويه الأشكال، والتركيز على الخطوط القوية والمغايرات والمتضادات المثيرة، كما أشار الناقد جيرالد ويلز
بأن المذهب التعبيري هو أكثر مذهب فنى متأثر بالذاتية المفرطة.
ومن خصائصها:
1- تعدد المشاهد والمناظر.
2- وجود شخصية رئيسية واحدة تعاني من أزمة نفسية
3- بقية الشخصيات نمطية وقد توجد شخصية محورية وظيفة كل هؤلاء هو الكشف عن الصراعات النفسية للشخصية الرئيسية ودواخلها
4- تعتمد التعبيرية على الرموز وهو ما يظهر هنا في مسرحية القرد كثيف الشعر جليا في الغوريلا ووصف السفينة الدقيق اسقاط على طبقات المجتمع والكمنجة وعجلة قيادة السفينة
5- الحبكة وفيها مفككة وتعتمد على اللا منطق
لعل الفرق بين المدرسة الواقعية و التعبيرية يكمن في التركيب الفني والجمالي فكلاهما يناقش قضايا اجتماعية، ففي مسرحية بيت الدمية لهنرك أبسن تناقش علاقة الرجل بالمرأة وهيمنته وتملكه لها والغوريلا أو القرد كثيف الشعر ليوجين أونيل تناقش وضع الإنسان المعاصر في عالم الآلة والتطور التكنولوجي وتتطرق أيضا إلى دواخل هذا الإنسان وتوضح أزمة الانتماء مما يختلف بالتبعية الحبكة والبناء الدرامي في الواقعية.
- تعتمد التعبيرية على فكرة التهويل والمبالغات وهذا يتضح في مشاهد تعامل الوقادين مع بعضهم بطريقة لا آدمية أشبه بالحيوانات وأيضا تنتج المبالغة في اللا منطق إنه ليس من الطبيعي أن يذهب إنسان للعيش في حديقة الحيوان.
الوضعية الاستهلالية من القرد كثيف الشعر :-
- يوضح لنا أونیل فی المشهد الافتتاحي مكان الوقادين أثناء راحتهم وملابسهم وهمجيتهم، و يوضح المشهد أيضا مدى قوه جسد وشخصية يانك وتحكمه وإنه هو الفاعل والساخر والمسيطر وهذا كله يتحول في المشهد الرابع الذي يمثل أيضا وضعيه استهلالية فيتحول من قوي مسيطر ساخر الى الضعيف المسخر منه رد الفعل ويتحول من شعوره القوي بالانتماء للسفينة في المشهد الأول إلى عدم الانتماء في المشهد الرابع فكلا المشهدين يمثل وضعية استهلالية ويوضح مدى تغير وتبادل وظائف الشخصيات (تبادل الأدوار)
2- الوضعية الأساسية في القرد كثيف الشعر، نجدها هي الأخرى مع الوضعية الاستهلالية بين السطور وهي فكرة الانتماء فيفتتح في المشهد الأول وشعوره بالانتماء وإنه هو الأقوى هو المسيطر وأنه أساس تقدم السفينة إلى الأمام ومصدر طاقتها وسرعتها، وتتضح أيضا في المشهد الرابع حين فقد الانتماء ويتحول من فعل إلى رد فعل ومن الهيمنة والقوة إلى الضعف والخنوع والتيه.
3- نقطة الانطلاق (نقطة الهجوم) في القرد كثيف الشعر هي عند دخول ميلدر، الشخصية المحورية، المحركة المغيرة للحدث والصراع، وتظهر هذه الشخصية ذكاء المؤلف أونيل حيث إنه لكي يخلق نقطة الهجوم وضع كل التناقضات التي يكرهها يانك فجعل أنثى وهو يكره النساء من طبقة معينة - رأسمالية- مغرورة وبالرغم من كل هذا تحتقره وتخترق كبريائه وغروره وتفقده هيبته أمام من يهابونه ويرونه مثل أعلى (الوقادين) وبناء على هذا شعر بعدم الانتماء مرة أخرى، وينعزل في ذاته فنجد هنا التحول والتغير في الاحداث والصراع وتقابل بين القوتين المتصارعتين يانك وميلدر.
- قراءة للمسرحية حسب قائمة كاوزان:
1- الكلمة:
نجد أن تركيبة الكلمة حدث بها تغير كبير من المشهد الأول قبل نزول ميلدر عن المشهد الرابع بعد نزولها فتتغير الكلمة لدى يانك نتيجة الأزمة التي حدثت له الازمه النفسية، فكلماته تعبر عن مدى غضبه وحنقه وهمجيته وغروره وتأتي من الحنجرة دليل على الغرور ، فنجد النص مليء بالمونولوجات بعد نزول ميلدر ويضغي الجانب النفسي بينما كلمات الوقادين مليئة بالسخرية والاستهزاء من يانج ويتحول وتتبادل الأدوار فيصبح يانك هو رد الفعل المسخر منه بعد ما كان هو الفاعل والساخر فكلماتهم تدل على وضع قوتهم وضعف يانك.
2- النبرة:
نبرة يانك في المشهد الرابع هي نبرة متراجعة شاردة ليست سريعة وقوية وواثقة كما كانت في المشهد الأول وصوته الرخيم مثلا حين قوله لهم (أنتم كالماشية) فنجد الفرق كبير بين المشهدين والتحويلات في شخصيته على مستوى الكلمة والنبرة وكل الأصعدة بعد الهزة النفسية.
التعبير الجسدي للممثل:
3- المحاكاة:
شخصيات المسرحية متنوعة حيث إنهما عالمين
1- عالم الوقادين (عمال الوقود) في الأسفل في قاع السفينة
2- عالم الأغنياء في الأعلى على سطح السفينة
نجد أن المحاكاة بجسد الوقادين في الأسفل توضح طبيعة عملهم القوي الذي يتطلب القوة الجسدية والعضلية خاصة في الذراعين ولكن طبيعة هذا العمل أيضا تدل أو تعبر عنه انحناء ظهورهم، ولكن يانك الوحيد ذو ظهر مستوي وتدل المحاكاة على مدى قوته المثالية حيث إنه أقوى من الجميع والجميع يخافون منه.
- أما محاكاة بجسد ميلدر فهي رشيقة نحيفة تعبر عن طبقتها الغنية الارستقراطية، وهذا يتناسب مع شخصيتها، توضح المحاكاة الفرق بين المستويين.
لكن في مسرحيه القرد كثيف الشعر للمخرج جمال ياقوت نجد ان محاكاة شكل يانك وبشاعة وقسوة مظهره (الاشبه بالغوريلا) تختلف كثيرا فكان في المسرحية شكله لا يثير الرعب او الاشمئزاز كما صوره أونيل كما عمل على تعديل النهاية بفرحة يانك في نهاية المسرحية في رقصة مع الغوريلا للتعبير عن العثور على الانتماء المفقود.
4- الإيماءة:
بعد مواجهه ميلدر وضع جلوس يانك ويده على رأسه أشبه بالمفكر دليل على ضعفه وتفكيره في الانتقام بعد كسر هيبته عكس حركات الوقادين الذين كانوا يصطفون ويلوحون بأيديهم واذرعهم أشبه بحركات الحيوانات دليلا على حوانيتهم وهمجيتهم او تدل أيضا على سخرية من يانك بعد نعت أو قصف ميلدر له بالحيوان القذر، يانك كان دائما مفتوح او مغلق الذراعين.
- أما إيماءات وحركات ميلدر الناعمة تدل على رهفها ومدى تعاليها من خلال الوجه وحركات الجسد.
- تعبيرات الوجه مهمه جدا في المسرحية وتوضح الاختلاف بين سيطرة يانج في المشهد الأول وغروره وتعاليه وغضبه وهمجيته وبعد نزول ميلدر وهزته النفسية التي تعرضها لها.
5- الحركة:
تلعب الحركة دور مهم جدا في المسرحية وتوضح لنا تغيير الأحداث وتطور الشخصيات في حركة يانك هي حركة مستقيمة تدل على قوه الشخصية والوضوح وتدل على قوه البدن أيضا عكس حركه بادي وباقي المجموعة حركه متعرجة
- نجد حركات يانك الجسدية الغاضبة بعد صعود ميلدر تدل بالفعل على الهمجية اللا آدمية أشبه بالحيوانات الجامحة ، وكذلك حركة المجموعة ، فنون فتوزيع الحركات المكاني خطيرة جدا في هذا المشهد.
- حركة الوقادين حول "يانك" أشبه بالنمل المعلق حوله ، و يانك وسط المجموعة دليل على قوته وسلطته ..
نجد أن خطوط الحركة تبدلت عن المشهد الأول، كان يانك دائما في قلب او منتصف المسرح أي منطقه القوه وبادي في العمق وهي منطقه ضعيفة وكان أيضا في المشهد الأول يجلس في مناطق ضعيفة على الأرض ومدلدل قدمه وهذا يدل على الضعف ويتحول كل هذا في المشهد الرابع بعد الهزة النفسية ليانك ويجلس نفس جلسه بادي في المشهد الأول على طرف المسرح اقصى اليمين مدلدل قدمه دليل على ضعفه وبادي يأخذ موضع القوة في المنتصف دليل على قوته بينما لونج على السلم ليس بموقف قوى كثيرا
- وأيضا تتبدل حركة يانك من السرعة في البداية أصبحت بعد ذلك مترددة وضعيفة عكس بادي ولونج وباقي الوقادين
المظهر الخارجي للممثل:
6- الماكياج
إن المكياج له دور هام أيضا في هذا العرض ويوضح الفرق بين العالمين (سفلي وعلوي).
فماكياج الوقادين والشحم الأسود على وجوههم يدل على طبيعة العمل وشقاءه، ومدى صعوبته ، ويدل أيضاً على قوتهم، والبؤس، وهو أيضاً إسقاط على همجية هذه الطبقة وعدم اهتماما بنفسها من خلال الوصف للشحم في العينين وعلى الجلد.
- عکس بالطبع ماکیاج ميلدر التي تمثل طبقتها العليا، ويدل على الرقي والارتياح المادي والمعنوي.
7- تصفيف الشعر:
يوضح تصفيف الشعر الفرق بين المستويين ، فشعر كل الوقادين عدا لونج، هو شعر مبعثر أشعث غیر مهندم، يدل على همجيتهم أو طبيعة عملهم وعلى طبقتهم الدنيا .
- عکس مظهر شعر میلدر المصفف المهندم الذي يعبر عن طبقتها الارستقراطية، وراحتها .
8- الملابس :
لها دلالة هامة جداً في العرض، فبالنسبة للوقادين قام المخرج بإلباسهم
Jumpsuit عفريتة أو أوفرول overall المناسب لطبيعة عملهم الذي يحتاج من ملابس خفيفة لسهولة الحركة، وركز على إظهار عضلات الذراعين لأنها من أهم الأشياء فى هذه المهنة، قوة الذراعين، وكان لون الملابس کحلی قائم، لون بارد، و نزل الألوان القاتمة على القوة والمثابرة.
أما عن ملابس " ميلدر" هي بيضاء ناصعة إسقاط على طبقتها وعلى أنوثتها ورقتها، وعلى خلو حیاتها من التلوث .
9- الإكسسوار :.
يعبر الإكسسوار عن المفارقة بين الجزء العلوي والسفلى، فمثلاً في الجزء العلوى نجد مروحة دليل على راحة هذه الطبقة
والاهتمام بها ومعاملاتها بآدمية، عكس الجزء السفلي الذي يغلب عليه الا آدمية والحياة القاسية والحر النابع من الأفران، ونجد أيضا الكمنجة التي تحملها الفتاة تعزف عليها عزوفات راقية رقيقة، دليل على رقي هذه الطبقة.
10- المناظر أو الديكور :
- يلعب دور هام جداً في المسرحية ، وبه الكثير من الإبداع، من حيث تقسيم السفينة إلى جزء علوى وجزء سفلي ، يوضح الفرق بين العالم الارستقراطي الراقي والطبقة الكادحة الدنيا ويمزج هاذين العالمين في آن واحد، وهذا يظهر براعة مصمم الدیکور لتقسيم العالم .
- ونجد أن الجزء العلوى أيضا استخدم للمدنيين وليس سطح السفينة فقط وعبر عن أماكن أخرى.
- شكل الاقران والاعمدة التي بينها أشبه بقفص وكأنهم بالفعل حيوانات محبوسين.
11 - الإضاءة :-
- تلعب دور هام جدا وتعبر عن روح المسرحية والحالة النفسية، فنجد أن الإضاءة الغالبة على الجزء السفلي هي الإضاءة الحمراء، والألوان الساخنة، دليل على الحرارة والغضب و عسر الحياة، والنور الأحمر من الأفران في هذا المشهد دلالة على أن يانك بداخله نار الغضب والحقد.
كما نجد الإضاءة الخافتة التي تكاد تكون مظلمة على يانك" أثناء جلوسه في وضعية المفكر على طرف خشبة المسرح، عبر عن ظلامة الداخلي، وحالته النفسية البائسة ووضعه الضعيف، عكس الوقادين الذين يقفون في منتصف المسرح (منطقة القوة ) والإضاءة القوية مسلطة عليهم دليلا على قوة موقفهم.
- أما عن الإضاءة في الجزء العلوى، فيغلب عليها الألوان الباردة مثل الأبيض والأزرق، الأبيض يدل على النقاء ونور النهار، أما الأزرق يوحى بالليل أو السكون والهدوء أيضا، فالإضاءة تلعب دورا أساسي وهام فى إيضاح الروح العامة للمسرحية، وروح كل مشهد على حدة ، والحالة النفسية لكل شخصية ، كما تدل على المفارقة بين العالمين.
- يتضح في المسرحية الإكثار من استخدام البؤر الضوئية الدائرية عن طریق الكشاف الاسطواني ( البروفايل) ، الذي يعطى بؤرة ضوئية طروفها حادة مختلفة الأشكال .
الموسيقى والمؤثرات الصوتية :-
12- الموسيقى : -
- نجد أن الموسيقى التصويرية المصاحبة للمشاهد بها مفارقة كبيره بين الجزء العلوي والجزء السفلي حيث ان الجزء السفلي موسيقاه يغلب عليها الضجيج والانتقام والغضب، عكس الجزء العلوي الموسيقى حالمة رقيقة على أنغام الفتاة التي تعزف الكمنجة دلالة على حالة السلام والراحة والرفاهية.
- وفي الرقصة التي يتخيل فيها يانك الانتقام نجد إنها تمزج وتعبر بين العالمين العلوي والسفلي تمزج بين الانتقام والغضب (في الأسفل) والرومانسية الحالمة (في الأعلى)، كما أن الإضاءة التي غلبت علی الحمراء دليل على الغضب والحنق.
13- المؤثرات الصوتية :
ساهمت أيضا في التعبير، حيث صوت الصافرة دليل على بدء العمل ونهايته.
الحبكة
الحبكة في المسرحية التعبيرية هي حبكة مفككة تبدأ بمشهد واقعي ثم يحدث للبطل أزمة فيرتد إلى ذاته، فيتحكم في تصرفاته وأفعاله العقل الباطن، أي أن العقل الباطن هو الذي يتحكم وليس العقل الواعي.
كما أن الحبكة لا تخضع لقانون السبب والنتيجة لأن المسرحية التعبيرية خالية من المنطق وتغيب فيها الوحدات الثلاثة.
- وهذا بالضبط ما حدث في حبكة القرد كثيف الشعر في البداية أو المشهد التأسيسي يوضح أن الحبكة مفككة حيث إن الأحداث متداخلة وغير مترابطة بمنطق سببي وأشبه بفكرة اللوحات والأصوات المتداخلة ويحدث للبطل فيها أزمة وهي أزمه الانتماء (والوجودية) والتي يشعر بها أكثر من مرة في المسرحية ف(يانك) شعر بها في صغره في بيئته فيهرب منها إلى عالم أضيق وهو عالم السفينة والتي فقد فيها انتمائه بعد ضياع هيبته نتيجة للقوى المحركة ميلدر فهرب منها إلى عالم أضيق وهو ذاته ولم يستطع الانتماء أيضا إلى الطبقة الأرستقراطية بذهابه إلى الشارع الخامس بنيويورك ولم يستطع الانتماء إلى منظمة العمال السرية والعالم الثوري أيضا، فبعد كل هذا قرر الذهاب للعيش في حديقة الحيوان مع الغوريلا على امل ان يجد ذاته معها لأنه شبهها كما يقولون لكن حتى هناك لم يجد الانتماء وقتلته الغوريلا وكانت نهايته الموت فيرى يانك إنه غير منتمي لأي عالم وهذا يتضح في حواره فعلت ما استحق عليه السجن مدى الحياة ولدت في هذه الدنيا!
- الأزمة في المسرحية هي أزمة فردية حتى ولو بدت أزمة مجتمع لكن أساس التعبيرية الكشف والتركيز والتعمق في داخل النفس الإنسانية وصراعها مع نفسها وتجسيد مكنونات العقل الباطن فالإنسان الحقيقي في نظرها يكمن في أعماق ذاته.
- لأن الحبكة مفككة فإن الوضعية الاستهلالية الأساسية نقطة الانطلاق والتصعيد والتعقيد والذروة والتحول والحل أما الذروة النهائية لم نجدهم بنفس سلاسة ومنطقية المدرسة الواقعية..
الوضعية الاستهلالية من القرد كثيف الشعر :-
1- يوضح لنا أونیل فی المشهد الافتتاحي مكان الوقادين أثناء راحتهم وملابسهم وهمجيتهم، و يوضح المشهد أيضا مدى قوه جسد وشخصية يانك وتحكمه وإنه هو الفاعل والساخر والمسيطر وهذا كله يتحول في المشهد الرابع الذي يمثل أيضا وضعيه استهلالية فيتحول من قوي مسيطر ساخر الى الضعيف المسخور منه رد الفعل ويتحول من شعوره القوي بالانتماء للسفينة في المشهد الأول إلى عدم الانتماء في المشهد الرابع فكلا المشهدين يمثل وضعيه استهلالية ويوضح مدى تغير وتبادل وظائف الشخصيات (تبادل الأدوار)
2- الوضعية الأساسية في القرد كثيف الشعر، نجدها هي الأخرى مع الوضعية الاستهلالية بين السطور وهي فكرة الانتماء فيفتتح في المشهد الأول وشعوره بالانتماء وإنه هو الأقوى هو المسيطر وتتضح أيضا في المشهد الرابع حين فقد الانتماء ويتحول من فعل إلى رد فعل ومن الهيمنة والقوة إلى الضعف والخنوع.
3- نقطة الانطلاق (نقطة الهجوم) في القرد كثيف الشعر هي عند دخول ميلدر، الشخصية المحورية، المحركة المغيرة للحدث والصراع، وتظهر هذه الشخصية ذكاء المؤلف أونيل حيث إنه لكي يخلق نقطة الهجوم وضع كل التناقضات التي يكرهها يانج فجعل أنثى وهو يكره النساء من طبقة معينة رأسمالية مغرورة وبالرغم من كل هذا تحتقره وتخترق كبريائه وغروره وتفقده هيبته أمام من يهابونه ويرونه مثل أعلى (الوقادين) وبناء على هذا شعر بعدم الانتماء مرة أخرى، وينعزل في ذاته فنجد هنا التحول والتغير في الاحداث والصراع وتقابل بين القوتين المتصارعتين يانك وميلدر.
ومع بداية المشهد الرابع نجد ان البعد النفسي بدا يطفو على السطح وهذا بعد مواجهه ميلدر وهذا هو الاختلاف بين الواقعية (التي تعتمد على الموضوعية) والتعبيرية (التي تعتمد على العقل الباطن)
- أما عن أزمة التصعيد التعقيد الذروة، التحول .. إلخ، فكما أوضحنا أن المدرسة التعبيرية تبدأ بمشهد واقعي يسهل علينا تحديد أوضاع المقدمة، ولكن لان الحبكة مفككة تبدأ بالوقعي ثم حين يتعرض البطل لأزمة ويرتد في ذاته ويسيطر حينها العقل الباطن عليه وذلك بعد مواجهه ميلدر القوى المحركة او الشخصية المحورية ووضع يانك في ازمه عدم الانتماء للعالم المعتز به يطير وقتها العقل الباطن على تصرفاته وافعاله ففي الحبكة المفككة، فلا نجد ازمه ولا تصعيد ولا تعقيد ولا ذروه ولا تحول ولا حل ولا ذروه نهائية نتيجة لحبكتها المفككة وسيطرة العقل الباطن ولا منطق.
- ان المسرحية تناقش أزمة عدم الانتماء واللا وجودية ل يانك من خلال التعمق وتصوير أعماق نفسه الداخلية وتجسيد مكنونات العقل الباطن.
- نجد في المسرحية الاختلاف بين الشخصيات:
لونج »»» ينتمي إلى الواقع ومهتم به، ثوري اشتراكي
بادي»»» ينتمي إلى الواقع ويعيش في الماضي.
يانك»»» يحاول الانتماء والبحث على أي منهما ولا يجده حسب النص، لكن في المسرحية يجد نفسه في الغابة ويلهو ويلعب مع الغوريلا في الغابة في المشهد الأخير.
إرسال تعليق