قصص قصيرة جدا
محمد جميز
1
الست فدوى
كانت تقود سيارتها، ولم يستطع النهار رغم نفوذه ملاحقتها، رمت قلبها في أحضان البحر ونامت. كانت تقود سيارتها، والدنيا تقتفي أثرها، ولكن القمر أخفاها في حديقة قلبه؛ فاستحالت إلى نجمة أسطورية نسمع عنها في كتاب الحواديت المدرسية. كانت سيارتها فارغة، احتلت قلبي، وقلبي كان سعيدا جدا.
2
الجامع الكبير
يدرس قضية الموسم، الأم التى تخلت عن ولدها المعاق، الأم التي قتلت طفلتها الصغيرة، الأب الذي يبكي بلا دموع أمام عتبات المحكمة منتظرا القصاص. تهاتفه زوجته، يجيب ببعض من الأسى وقلة الحيلة، ينهي المكالمة متفقدا محفظته ذات الجنيهات القليلة، يتذكر يوم ولادته، خطأ الطبيب الجسيم، انهياره أمام غرفة العناية المركزة، دموع أبيه المحبوسة، صوت فريد الأطرش الذي تحمله الرياح وهو يشدو: " عدت يا يوم مولدي".
تواشيح العصر تغازل ستائر شرفة مكتبه، يقابلها بقلب سليم، ينهض مطمئنا، يهندم ملابسه، يغادر مكتبه، يقصد الجامع الكبير للصلاة، وفي الطريق هاتف من السماء يهمس في أذنيه: " أيزعجك الحب" ؟!
3
الأستاذ عصفور
عامل المقهى يحمل القهوة على مضض للأستاذ عصفور، زائر آخر الليل ثقيل الظل، بخيل اليد، مر اللسان. يتباهى بعمله موظفا في البنك الزراعي، رغم أن سمعته مثل فنجان القهوة الذي يحتسيه.
يتأمل الأستاذ عصفور المقهى الفارغ من زبائنه، نسى أنها الثالثة صباحا، ومنذ متى ينتبه للوقت؟!
كل شيىء حدث في لحظة، السيدة أشجان تتهمه بأنه مزور، يبصق في وجهها، ويطردها خارج البنك، تقع على الأرض، تقيدها عبراتها، ترفع بصرها إلى السماء، وتخبر الله بكل شيىء.
ومنذ متى ينتبه للوقت؟! عاد إلى منزله الفاخر، وجد زوجته تعانق شابا في عمر ابنها الكبير في غرفة نومه، أغلق الباب، حطم ساعة يده، ثم شرع في الذهاب إلى قسم الشرطة، وفي الطريق ألقى بجسده المذبوح على كرسي خشبي في مقهي صغير، حانت منه التفاته، قابل شفاه ولده الكبير وهى تدخن المحظور، خذلته عيناه، وكانت الدنيا كلها أشجان.
4
الشيخ توفيق
صراخ شيماء يزعج أحلام النائمين، كانت ليلة زفافها بالأمس، تلفظ زوجها، كانت قمرا هبط إلى الأرض، فمسح عن قلوب العباد الأسى والدموع.
طلب الشيخ توفيق من أهل البيت الخروج، البيت كان خائفا من الشيخ، تجمهر الطيبون بالخارج، وانضم إليهم الأهل. سال لعاب توفيق، ثار جسد توفيق، هاج وماج الشيخ، وعندما هم بالهجوم، اقتحمت جيوش الفجر البيت.
إرسال تعليق