عن الدورة الثالثة لملتقى القصة القصيرة 


كتب: مصطفى الضبع

ولما كانت الدورة الثالثة لملتقى عرف طريقه للنور منذ ثلاثة أعوام فقط لكنه كان قادرا على أن يبقى، ليس بتمويله فهو ليس ممولا ، وليس لرغبة القائمين عليه للظهور في ذاته ، فالملتقى ليس مدعوما من جهة رسمية (حتى الدعم الإعلامي محدود) ، ويمكن القول أنه ذاتي الإعلام والدعاية (صفحة فيسبوك وجروب واتس وصفحات المؤمنين بالمشروع ، وجهود مخلصة من الدينامو ميرفت يس والفريق المميز من شباب الكتاب والباحثين) مما يعني أنه يعتمد غالبا على الإعلام الجديد.

ولا تتوقف ذاتية الدعم عند الجانب الإعلامي فقط وإنما تتكشف في طموح لا حدود له ، طموح للفعل الأصيل وليس لتحقيق مكاسب ( الأدب عموما لا يحقق من المكاسب الكثير) ، طموح عايشت جانبا كبيرا منه خلال تجربتي مع سيد الوكيل (طمحنا يوما أن نعلن عن جائزة مختلفة ، جائزة لا تكمن قيمتها فيما تقدر به ماليا ( فقد سقطت كثير من الجوائز ذات القيمة المالية وفي مقدمتها الجائزة الكبرى " نوبل" وكثير من الجوائز العربية الشهيرة تتخبط وفي حاجة ماسة لمراجعة وتصويب لمساراتها ) .

طمحنا أن نقدم الكثير مما أتيحت الفرصة لتقديمه، ومما لا يزال الطموح مشتعلا لتحقيقه.
الشهر الماضي تابعت نجاح الملتقى (عن بعد هذه المرة ) مما أتاح لي رؤية الصورة كاملة خلافا للدورتين السابقتين حين كنت حاضرا في المشهد ، أن يجتمع حولك المؤمنون بك وبعملك وبملتقى صغير الحجم كبير القيمة ، إن لم يمتلك غير دافعية الإنجاز لكفاه ، ومادام الإنسان يمتلك قدرا – ولو ضئيلا – من الطموح فهو يمتلك جذوة قادرة على أن يستمر ، والاستمرار من أجل خطوات قادمة أكثر فاعلية . 

على أرض الواقع أقيم الملتقى ثلاث مرات:
- الأولى 6 أغسطس 2022 مركز سيا الثقافي بمقره القديم بالدقي.
- الثانية 12 أغسطس 2023 بيت السناري، التابع لمكتبة الإسكندرية وكانت الدورة باسم " يحيى حقي" . 


- الثالثة 26 أكتوبر 2024 ، التراث في القصة القصيرة ، مركز "سيا الثقافي" في مقره الجديد شارع ضريح سعد زغلول ، دورة الراحل " خيري عبد الجواد".

في كل مرة يكون الدعم مكانيا في المقام الأول (تقديم المكان الصالح لعقد الملتقى) ، وإن كان الدعم في المرة الثانية قادما من مؤسسة رسمية (مكتبة الإسكندرية ) ، فقد كان الدعم في مرتين : الأولى والثالثة من كيان غير رسمي (مركز سيا الثقافي بإشراف الروائية د. صفاء النجار ) ، فإذا كان الدعم في الثانية يكاد يكون إلزاما واقعا تحت مظلة عمل مكتبة الإسكندرية ( ولإدارتها ممثلة في الأستاذ الدكتور أحمد زايد شكرا خاص ، وتقدير واجب) ، فإن دعم مركز سيا الثقافي لا يدخل تحت بند الإلزام ، وإنما هو إيمان المركز بدور يتجاوز حدود طاقته لكنه يوسع من دائرة عمله إيمانا بقيمة العمل الثقافي ، وتوسيعا لدائرة فاعلية المركز ( فلم يتوقف الدعم عند تقديم المكان وإعداده لوجستيا ، وإنما الدعم المادي اللازم للتجهيزات الفنية) وهو ما يستوجب التقدير والشكر للدكتورة صفاء النجار وفريق العمل في مركز سيا الثقافي. 

تميزت الدورة الثالثة بدعم كيان جديد ( غير رسمي أيضا ) ينضاف على قائمة المؤمنين بالعمل الثقافي " مؤسسة المحكى " برئاسة الروائية أسماء عواد ، وهو دعم يليق بالمؤسسة وينضاف إلى جهودها في خدمة السرد عامة والحكاية الشعبية خاصة . 

وهو ما يعني أن الملتقى كل عام – وباستمرار انعقاده - يكسب أرضا جديدة وقلوبا تؤمن بوجوده واستمرار بقائه . 

 سيظل سيد الوكيل قادرا على إثارة الأفكار الأصيلة واثقا من إنجازها ومراهنا على تحقيقها قيمتها الخاصة.

 سيد الوكيل قادم من الطبقة الشعبية للأدباء ، تلك الطبقة المؤمنة بالأدب من حيث هو رؤية جمالية ، من حيث هو قيمة في حد ذاته قادرة على تشغيل كثير من قيم الحق والخير والجمال. 
ولأنه مؤمن بهذه القيمة يشتغل عليها دوما سواء فيما يكتب من إبداع أولا ونقد ثانيا ، وعمل ثقافي ثالثا ، تماما كإيمانه أن الكيانات الصاعدة مهما كان حجمها ستكون قادرة على الإنجاز مادامت قادرة على أن تكتنز مقوماتها وفي مقدمتها الإخلاص للأدب من حيث هو فعل أصيل وليس من حيث هو بروباجندا أو دعاية عن الذات ، وفارق كبير بين التعبير عن الذات والدعاية للذات ، فالتعبير صادق غالبا ، والإعلان مزيف دائما.

كل التقدير والشكر لكل الذين شاركوا حضورا أو مشاركة أو كتابة فكل هؤلاء الذين التفوا حول سيد الوكيل مدفوعون بطموح نخسر كثيرا إن فقدناه .

Post a Comment

أحدث أقدم