ذيل حصان


قصة: إبراهيم عيسى (*)

ذيل حصانها هو أجمل ما أراه في شعرها مع هذه الخصلات النبيلة الموزعة على جبينها، وكنت أحبها دائما على هذا النحو هذا الشعر الساحر في تأثيره على تفازلى واكتئابي، هل يمكن لإنسان أن يحدد مدى ما يحصل معه من حزن أو فرح بتصفيف شعر امرأة؟ أنا كذلك:

كلما رأيتها يوما بشعرها معقوصاً على هيئة ذيل حصان كلما شعرت براحة وأمن وتفاؤل في الحياة، وكنت تراني مقبلا محبا على أوراقي من مكامن سطورى، وإذا حاولت نسائم غم ثقيلة أن تنسال تحت قميصي أستعيد هذا الانطلاق الحالم لشعرها وأراه أمامى مائلاً كانفتاح نهر للعبور، وحتى لحظات هذه الكتابة أحس تدفقاً نبيلاً فى صدرى كأن ذيل حصانها لون من دمى، وأدفس السؤال - طيلة أيامي - في قلقى الملح، هل يمكن أن يستمد بشر تفاؤله وسعادته من تصفيف شعره ولا أعرف الإجابة على وجه الدقة (سأتركها للأطباء النفسيين) لكن الإجابة الوحيدة التى أملكها أنها حين تعود مرة من لدى مصفف شعر تحمل على شعرها معالم تدخله وحين أرى شعرها مصففاً على غير ذيل الحصان ووجدت فيه صناعة وعملاً وقصاً وحذفا وإضافة وكواه ودقة و...

 كلما أحسست كآبة ما في صدري وكانت تسالني - وهي لا تفهم شيئا مما داخلي- ماذا بك وكنت لا اجيب.




(*) إبراهيم عيسى، من مجموعاته القصصية : (صباح النهايات)، مدبولي الصغير القاهرة، ١٩٩٤ ، العصافير لا تعشق الطيران، الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة، ١٩٩٥ ، (وجه بعيد لامرأة بعيدة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ۱۹۹۸

القصة منشورة في المجلس الأعلى للثقافة - لجنة القصة - من المجلد الأول " من عيون القصة المصرية " مختارات قصصية، إعداد وتحرير حسين حمودة، وتقديم خيري شلبي، طبعة خاصة بمناسبة انعقاد مؤتمر القصة الأول للقصة القصيرة، مج ١، 2009


Post a Comment

أحدث أقدم