فصل من رواية عطية الشمس
بالعامية المصرية
صفاء عبد المنعم



أم الرزق 
------------- 
 
زي اليومين دول في الشتا، كات حماتي قعده على فرشة الصلاة، بتسبح بين المغرب وبين العشا، وسمعتها بتنده عليا بشويش، بصوت واطي: أنتي يا بت قومي قيدي اللمبة نمره عشره، لحسن الدنيا ليلة، والمغرب غريب، يا بت قومي.

كل ده وأنا قعده على عتبة البيت سرحانه، وعماله أفكر، وعينيا عماله تسح دموع، وهات يا عياط، بعد شوية ندهت تاني: أنتي يا بنتي يا حبيتي قومي من بين لعتاب، لحسن مش كويس عليكي، ولا على اللي ف بطنك. هو كل النده ده ومش سمعاني.

وأنا بردو قعده مكاني عند الباب الكبير بين العتبتين، وعماله أقول فى نفسي: والنبي يا رب، يا رازق الطير ف السما، ورازق الدود ف بطن الحجر، أرزقني بحتة عيل ويكون واد، وإنشالله يطلع عبيط.

عشان الناس ما تقولش أم البنات ورثت بناتها العار، وبناتها ما بتخلفش غير بنات زيها، والنبي يا رب يا قادر على كل شئ يا كريم.
وسمعت صوت حماتي تاني وهى عماله تنادي عليا بصوت واطي، عشان حمايا اللى نايم على الكنبة اللي جنبها ف الصالة ما يسمعش صوتها ويصحى، ويدردك الدنيا على راسنا.

- يا بنتي يا حبيبتي، قالو ف الأمثال خدو من قوتكم وقيدو بيوتكم، والمغرب أدن من بدري، والدنيا ليلة، وقعدة لعتاب مش حلوة عليكي يا أمي، ما تخليش أخت جوزك تأزيكي، قومي يا قلبي زمان الملايكة محوطاكي، وأنتي فى شهرك السابع.

ولما حماتي مالقيتش مني فايده، ومش برد عليها، راحت هى قايمة واقفه، وجابت اللمبة الجاز نمره عشره من على المسمار، وقعدت تقيدها، ووصلت المطبخ، وفضلت تحسس بأديها وتتسند على الحيطان لحد لما جابت الكبريت، وراحت قايده اللمبة الجاز ومعلقها على المسمار ف الصاله، ورجعت قعدت على فرشتها، ورجعت تنادي عليا من تاني.

- هو أنتي يا بنت الرفضي مش عايزه تقومي من مكانك من بين لعتاب ليه؟ وقعده تبكي وتنوحي، زى الندابه، إلهي يندو عليكي يا شيخه.
وقامت حدفاني بفردة القبقاب الكبير، راح جاي في جنبي، قمت صرخت غصب عني وقلت: أي.. أي يا جنبي. بصوت عالي. قام حمايا صحي من نومه، وسمعني وأنا باصرخ، وراح نازل فيها ضرب وتلطيش.

قمت أجري عشان احوشه عنها، راح القرن طاشش مني، قعدت أصرخ: ألحقيني يا أمه أنا بولد، ألحقني يا با. قام جري وراح شايلني هيلا بيلا وحطني فوق السرير. وهى فضلت تنادي على بنت الجيران اللى قصدنا عشان تنادي على الدايه، شويه ولقيت اللى راح نازل مني ووقع على الأرض، وقعدت أصرخ، وحماتي تصرخ وتنادي على بنت الجيران، كل ده وأنا مش قادره اعمل حاجه، وحتة اللحمة وقعت مني غصب عني على الأرض من فوق السرير الحديد أبو عمدان.

ودخلت حماتي، وراحت واخده حتة اللحمة وحطتها فى حجرها. وجري حمايا وراح ينادي على الدايه من بيتها. وسمعت صوت أدان العشا جاي من بعيد، من الجامع اللى هناك عند الوسعاية، فضلت أدعي  وأقول: يا رب والنبي ترزقني بحتة عيل، وإنشالله يكون عبيط.
وكإن ربنا كان قاعد فوق راسي وفاتح باب السما وعلى ما صدق.

وفضلت حماتي تقولي: أدعي يا بت لجوزك ربنا يوسع رزقه ويرزقه برزق المولود الجديد، أدعي يا حبيبتي وانتي بين أيادي الملايكه، ودعوتك مستجابه.
شوية ودخل حمايا ومعاه الدايه. راحت ما سكه العيل من حجر حماتي، وراحت قاطعه الخلاص، ورابطه له سرته، وراحت لفاه ومنيماه جنبي على السرير. ولما حمايا سألها: إيه يا حاجة ولد ولا بنت؟ قالت له وهى بتغسل ايديها بالمياه والصابون: خير يا حاج خير. ولد وأن شاء لله يتربى فى عزكو بس باين عليه ضعيف، عشان ابن سبعه، هات لي كيس قطن كبير يا حج من الأجزخانه لما ألف فيه العيل، عشان يمسكه وامه تعرف ترضعه، وبعدين راحت بصت ناحية حماتي وقالت لها: جرى إيه يا حاجه فين يا حبيبتي الفرخه العتقيه اللي الوالده هتحطها مكان العيل عشان ترم عضمها؟
قامت حماتي من مكانها وقالت لها: عيني حالا، أصل مكناش عاملين حسابنا، هى ولدت على فجأه.

قالت لها: خلاص يا حاجه هاتي لها بيضتين تلاته مسلوقين وحطيهم فى معلقة سمنه بلدي كبيره.
قامت حماتي تجهز الأكل. راحت الدايه قالت لها بصوت عالي: والحلبه يا حاجه أوعى تنسي الحلبه بالسمنة البلدي.
وبعدين بصت لي وقالت: يا حبيبتي يا بنتي تولدي فى الشهر السابع وكمان عيل ناقص.
ثم اقتربت مني في همس، وهمست لي فى ودني: الحتة اللحمه اللي نزلت باين فيها شئ لله، نازل بيضحك الله أكبر.

 ملت عليها براسي الضعيف المتعب: طمنيني يا خاله، والنبي ولد ولا بنت؟
همست فى ودني وهى بتميل علي بجسمها وتكبس لي ضهري: والله يا بنتي ما حققت قوي، أصل نظري بقى بعافيه شويه، بس مش باين له ملامح، ولد ولا بنت أكدب عليكي، الله أعلم، على العموم هو ضعيف، وعنده رجل قصيره عن رجل، والصباح رباح، والصبح بدري هعدي عليكي قبل ما أروح أطاهر بنتين فى الشارع اللي وراكم، بنات  أم فيفي الخياطه. ملت عليها براسي وهمست لها بضعف شديد: ربنا يقويكي، بس وحياة مقام النبي اللي زرتيه وملستي على شباكه لو طلع بنت أوعي تقولي لحد، قولي ولد وبعدين يحلها المولى.

ثم خرجت من الحجره وتركتني، وبعدها نمت نوم عميق، ولا أعرف امتى خرجت وتركت البيت، ولكن عرفت لما جت فى اليوم التاني أن حماتي قامت ادتها بريزه كامله، وحتة قماشه حرير أطلس، وأدها حمايا نص ريال وكيلو سكر من ورا ضهر حماتي.
ولما جت وقعدت جنبي ع السرير، حكت لي كل اللي حصل إمبارح. وسندت راسي، واخدت بأيدي وأتعدلت في فرشتي، وهى تكلمني بهمس عشان محدش يسمعها وقالت لي: أنا هاروح طياره عند أم فيفي أطاهر البنتين وأرجع لك بسرعه، يكون اللي في البيت صحيو. هزيت راسي فى صمت وما علقتش كتير على اللي قالته إمبارح وكلامها أن الواد فيه شئ لله وأن عنده رجل ورجل، كنت حاسه أن الدنيا عماله تشيل فيا وتحط، والأوضه بتلف بيا وتدور.
حطيت راسي على المخده، ورحت تاني فى النوم، بس كنت حاسه إن عرقي مرقي، وسمعت صوت من بعيد بينادي عليا، كأنه صوت أمي، أبويا، صوت عرفاه، وعارفه صاحبه، بس مش قادره أميز هو مين؟ ورحت فى دنيا غير الدنيا، وأنا عماله أخطرف وأنادي عليهم، فين وفين، سمعت صوت حماتي وهى بتحط أيدها على راسي وبتصرخ وبتنادي على جارتنا أم مريم. دخلت بسرعه ولهفه، وحطت أيدها على راسي، وقالت: بسم الصليب، يا لهوي يا خالتي دي سخنه نار حاميه.

كنت سامعه كلامهم طشاش كأنه جاي من بعيد، بعيد قوي، ولسه الصوت فى وداني بينادي ومش قادره أعرف صوت مين بالظبط، وما دريت بروحي إلا وحماتي بتدلق علي مياه بملح، والمياه عماله تطش فى وداني، ولا طشة الملوخيه، وفين وفين، فضلت تدعك في راسي وأيديا ورجليا على ما فوقت، وفتحت عينيا، بصيت لقيت حماتي قعده جنبي على السرير بتعيط  وترقيني، وأم مريم عماله تحط على راسي كمدات ميه ساقعه من القله. وأول ما فتحت عينيا. شهقت وقالت: باسم الصليب عليكي يا خايتي، العدرا على راسك.
وراحت جايبه سجادة الكنبه وحطاها على جسمي، وأنا برتعش من البرد وأزفزف من السقعه تحت الغطا، وسناني عماله تخبط فى بعض.

فين وفين على آدان الضهر، بصيت لقيت الداية دججاخله عليا وهى بتضحك وتبسمل: اسم الله عليكي يا حبيبتي، مالك يا ضنايا.
 

Post a Comment

أحدث أقدم