مؤتمر المصطبة 6
أزمات السرد
السرد وأزمة النقد
الورقة البحثية المقدمة من الأستاذة صابرين خضر
مرايا مُكسًّرة....في أزمة النقد الأدبي
الأستاذة/ صابرين خضر
المقدمة
دائرة التواصل الإبداعية
لنذهب خفافًا 3
كل إناءٍ ينضح بما فيه
لا تُجلِس قارئًا افتراضيًا بجوارك
نص تو جو
الكاتب ليس منهجًا
هل يضر بصحة الكاتب أن يكون ناقدًا؟!
الخاتمة والتوصيات
المَراجع
المقدمة
عزيزي القارئ...
إنّ القراءة التي بين يديك الآن لا تعدو أكثر مِن كونها مجرد قراءة، لكنّ الأمر -لا أخفيك سِرًا- أعقد مِن أن تساهم مجرد قراءة، أو دراسة، أو بحث في حلِّه. الأمر جدّ يحتاج لبحثٍ عميق لا يقوم به باحثٌ ولا اثنان، وربما يحتاج الأمر لفريقٍ كامل من الباحثين ممن يشغلهم الواقع الثقافي عامة، والواقع الأدبي خاصة، ويطمحون أن يرون النقدَ في مكانةٍ متقدمة .
والحقيقة أني توقفت كثيرًا وأنا أفكر في نقطةٍ للبدء في هذه القراءة، ثم اهتديتُ للسؤال، وجّهت السؤال لعدد ممن يمارسون الكتابة:
ما هي المشكلات التي واجهتك مع النقد، منذ بداية ممارستك للكتابة؟
لم يكن السؤل استبيانًا بالمعنى المنهجي، وإنما محاولة للبعد عن الجُمَل الأكثر تداولاً: (اللاموضوعية - نقد المجاملات - عجْز النقد عن مواكبة الابداع - غياب دور الناقد) والقرب أكثر ممن تلامِس أيديهم النارَ، ويحتكّون بصورةٍ مباشرة بالناقد، وينتجون النص الأدبي.
مِن ستة وعشرين كاتبَ سرد رأى أربعةٌ أن وعي الناقد هو المشكلة، وأربعة آخرون رأوا أن الانحياز والذاتية هما المشكلة، وأربعةٌ آخرون وجدوا المشكلةَ في غياب المنهج.
اثنا عشر منهم اختلفوا بين عدم التواصل الجيد بين الناقد والكاتب، التعميم، ليّ عنق النص، غياب الموهبة، عدم وجود مقابل مادي، المناهج الغربية، ضعف الحركة النقدية بصفةٍ عامة، عدم تقبّل الكاتب للنقد، المصطلحات الأكاديمية التي يستخدمها الناقد، الكلاسيكية، كثرة الإنتاج الأدبي، والتقليل من أهمية المناهج السياقية.
ربما ورغم مرارة تلك النتائج التي تباينت باختلاف الأشخاص تقريبًا مما يدل على أن كل واحدٍ مِنا يواجه مشكلتَه الخاصة مع النقد، لكنّ ما أشعَرني بالأسف حقًا هو امتناع أحدَ عشر كاتبًا مِن عدد ستة وعشرين عن الرد!
ولا أعلم إنْ كانوا لا يرون أي أزمةٍ في النقد الأدبي، أم جَمَعهم القدَر بنقادٍ حقيقين!
المشكلة.. كل المشكلة.. إنْ كانوا موقنين من وجود مشكلةٍ ما، ولا -دعنا نقول تخفيفًا- يريدون التعبيرَ عنها.
دائرة التواصل الإبداعية:
لمّا كانت عناصر التواصل هي المرسِل والمستقبِل والرسالة، ولا خلاف في أن الأدب هو وسيلة تواصلٍ مهمة ومميزة بين الشعوب، فلنلقِ نظرةً على عناصر عملية التواصل الأدبي، وهي قِسمان:
الأول :
المرسِل (الكاتب)
الرسالة(النص الأدبي)
المستقبل(المتلقي والناقد)
الثاني
المرسِل (الناقد)
الرسالة(النص النقدي)
المستقبل(المتلقي و الكاتب)
ولكل واحدٍ من تلك العناصر سِماتٌ تميزه عن غيره، تؤثر في سابقتها وتغيّر من لاحقتها، حتى ليصعب عليك تحديد نقطة البدء في هذه العملية، أهي النص؟ أوَ ليس مَن أنتج النص أولى بنقطة البدء هذه؟! فلنقُل إذًا الكاتب، أوَ ليس لهذا الكاتب عدد من الخلفيات الثقافية، الفنية، التاريخية، النفسية، المعرفية، والتراثية التي ساهمت في إنتاج النص محل الدرس؟! أوَ ليس ما يوجّه لهذا الكاتب من نقد هو واحد من الخلفيات التي ساهمت بخروج النص بصورته الحالية ؟! ستقول لا لا... النقد يأتي بعد
النص.. وما الناقد إلا شخصٌ حاول أن يكون قاصًا أو شاعرًا مثلاً ولم يستطع لسببٍ أو لآخر، فاتجه للنقد. ما عادت تزعجني تلك الرؤية، وبابتسامةٍ عريضة أذكّرك بقول الشيخ عبد الله العلايلي ردًا على ناقدي معجمِه الكبير: "مَن ينقد عليك هو كمنْ يعمل معك".
لنذهب خفافًا
ونحن نحاول -كتابًا كنا أو نقادًا- المضي في دائرة التواصل الإبداعية السابق ذِكرها، ندور مثقَلين بتجاربنا، معارفنا، خبراتنا، العلوم التي درسناها، المواقف التي مرت بنا، مشاعرنا، أفكارنا ومعتقداتنا، وغيرها مما يؤثر في عملية التواصل، فإمّا أن يزيدها فاعلية ويدفع بها لصالح النص الأدبي، وإمّا يجعل دائرةَ التواصل تلك حلقةً مفرغة ندور فيها حتى نسقط مغشيًا علينا بفعل الدوار، وأصعب ما يثقلنا هي معتقداتنا؛ "فاستمتاعنا بالفن -إنْ كنا ممن يستمتعون به- ـيتوقف على اعتقاداتنا بشأن طبيعته وقيمته. وهنا أيضًا نجد أن الاعتقاداتِ الخاطئة تؤدي إلى سلوكٍ لا جدوى منه." (1)
كاتبٌ يرى الأدب رسالة، والعمل الأدبي لا بدّ له أن يحمل قيمة أخلاقية، ودرسًا مستفادًا.
ناقد ينطلق مِن المنطقة ذاتها يرى أنك لا بدّ أن تَخرج من القصة وقد اعتبرتَ بعِبرةٍ ما.
هذانِ معتقَدان ينتميان لمنطقةٍ واحدة، ومن ثم ستكون الدراسة النقدية باحثةً عن جمال النص وتميزه وقدرته على.. وعلى.. وعلى.. وقد يحتمل النص كلّ هذا المديح وقد لا يحتمل.
تعالَ لكاتبٍ يرى النص حالةـ-قد يحوي عِبرةً ما بالمناسبة، ولكن ليست إلا بعد المرور على منطقة الحالة- التقى والناقد السابق نفسَه لمناقشة هذا النص، أتستطيع أن تقول إنها ستكون مناقشةً مثمرة وكاشفةً عن جماليات النص، ومقوّمةً لنقاط ترهلِه وضعفِه؟ أراك وبحركةٍ لا إرادية مِن رأسك تنفي ذلك!
نعم.. يمكن لتلك المناقشة أن تكون جدّ مثمرة، لكن أتعلم متى؟ عندما يتخفف الناقد مِن حمْل معتقدِه ويتعامل مع النص الذي بين يديه.. "فالوسيلة الوحيدة لمعرفة ما يختص به علم الجمال هي أن نرى كيف يقوم هذا العلم بنقد اعتقاداتنا"(2)
وهنا تظهر مشكلة الوعي والثقافة والذوق لدى الناقد، إذ لا بدّ من أن يمتلك الناقد، لا أقول رؤية فلسفية فحسب، بل رؤية جمالية، ويصبّهما على النص صبًا دون ذاتيةٍ ولا انحيازية.
"يتضمن مفهوم الذوق المقياسَ الأخير الذي كوّنَته الخبرات القرائية والإنسانية المختلفة، ويكاد يكون هذا المقياس جوهرَ شخصية صاحبِه، إذ يتضمن كل صفاتِه واتجاهاته التي تحدد استجابتَه للمؤثر الفني، وإذا كانت الثقافة هي الكاشفة عن شخصية الناقد والمنمّية لصفاته وخصائصه.
يمثل الذوق خلاصةَ عملية الكشف التي تقوم بها الثقافة في شخصية الناقد .(3)
كل إناءٍ ينضح بما فيه!
واحدة مِن أهم إشكاليات النقد هي فكرة الاستبدال -الاستبدال المطلق- لا التراكمية، قد تسمع أحدَ النقاد يقول إنه ما مِن أهمية الآن للمناهج السياقية، وإنّ المناهج النسقية هي الأعم والقادرة على سبْر أغوار النص دون غيرها. وأتعجب حقيقةً ممن يرون ذلك ويؤمنون به، فيا له من نصّ مرِن ذلك الذي يسمح لناقده أن يتناوله بأكثر من منهج! نعم أتقبّل فكرة أن منهجًا بعينِه يناسب نصًا أكثر مما يناسب نصًا آخر، لكن دون أن تذهب مناهج -وأقصد السياقية تحديدًا- وتأتي مناهج أخرى.
وما نعانيه مِن تغريب في استخدام المناهج الغربية، أو استخدام المصطلحات الغربية التي، وفي أحيانٍ كثيرة، لا يوجد اتفاقٌ على ترجمةٍ بعينها لتلك المصطلحات، ما هو إلا غياب فكرة السياقية عن أذهاننا ونحن نتعاطى مع المنهج أو المصطلح .
"إذ اعتقدَ المترجمون مخلصين أنهم إنْ ترجموا كتبًا تشرح المقاييس والطرق والأصول والقواعد والمناهج، فإنهم بذلك يساعدون المتعلمين على تحسين ذوقهم وتعميق فهمهم للأدب العربي.
ظن المتعلمون أن المسألة بسيطة، فما عليهم إلا أن يطبقوا هذه المقاييس، ويضعوها وضعًا على الأدب العربي ليخرج لهم جمال هذا الأدب سافرًا معلِنًا عن نفسه. ونسى المعلمون والمتعلمون عظيمَ الاختلاف بين طبيعة الأدبين."(4)
لا تُجلِس قارئًا افتراضيًا بجوارك.
ولأننا -ـكتّابًا كنا أو نقادًا- وفي أحيانٍ كثيرة نقف مِن كل تلك المرجعيات موقف (الغماس الشبعان) لا نحن نعترف بأننا نتاج تلك الخلفيات -حيث نرى المناهج السياقية مثلا عديمةَ الفائدة في تحليل النص الأدبي- ولا نحن انفصلنا عنها انفصالًا تامًا، والسؤال هنا ما نتيجة هذا الانفصال -إنْ حدث-؟ أوَ ليس وبطريقةٍ لا إرادية سنتسق مع خلفياتٍ جديدة ونتشبع بها؟ وهذا أمرٌ طبيعي يحدث يوميًا وبشكلٍ لا إرادي كرمشة العين مثلًا.
ولتلك الخلفيات تأثيرٌ مباشر وقوي، لا على انطباعاتنا أو في آلية تلقّينا للنصوص فحسب، بل في إنتاجنا إيّاها أيضًا.
هذا القارئ الافتراضي وكيف سيقيّم ما نكتب وما نقول -أخلاقيًا مثلًا- يجلس ما بين الفكرة في رؤوسنا وبين الورقة البيضاء، وما في رؤوسنا سوى (ماذا سيقول الناس عني إنْ كتبتُ كذا؟)، هذا القارئ الافتراضي ليس عدوَّ الكاتب فحسب، بل يتربص بالناقد أيضًا، فتستحوذ عليه عدد من الهواجس منها مثلًا: إنْ قلتُ رأيًا صريحًا خاليًا من المجاملات، سيرونني متشددًا وشرسًا..
إنْ رأيت في نصّ ما أعمقَ مما يرون سيقولون دعك منه إنه يتفلسف..
هكذا لن أكون موجودًا على الساحة الأدبية..
إلى آخره من تلك الهواجس التي ما إنْ استحوذت على رأس الناقد الأدبي فلن يكون ناقدًا ولا يحزنون!
نص تو جو
اتسمت شخصية إنسان اليوم -الإنسان الفيسبوكي والتويتري - بسماتٍ مثل السرعة، ودعني أقول على استحياء السطحية، فبدلًا من أن تساعدنا التكنولوجيا في تنمية المهارات وصقلِها، استخدمها بعض الأفراد بديلًا عن العقل، ولذا تجد القارئ -إنْ وجدتَ قارئًا في الأصل- لا يهوى النص الطويل، أو الذهني، أو النص الذي يحتاج قراءةً لأكثر من مرة، أو الجملة التي تقدّم وتؤخّر المعنى، هو يميل للنص البسيط الذي يستوعبه من المرة الأولى وينهيه من الجلسة الأولى -وإني لأشكره على ممارسة فِعل القراءة على كل حال- وبالتالي ظهرَ الناقد الـ (تو جو) فما إنْ يُطلب منه مناقشة مجموعة قصصية مثلًا حتى يقرأ منها نصًا أو نصين ويتأمل في الغلاف قليلًا، و(يدردش) مع الكاتب.. وهكذا أصبحت القراءة النقدية جاهزةً (تو جو). وصفحات التواصل الاجتماعي مليئة بالنصوص التي تنتهي بـ (انتظِر باقي الحلقة)
كنت وما أزال أردّد أني ككاتبة (أتعب على النص)
كقارئ لا بدّ أن تتعب وأنت تتلقى ذاك النص، وبالتالي كناقد لا بدّ أن تتعب وأنت تتناول النص بالدراسة.
الكاتب ليس منهجًا
ومع غياب المنهج العربي، والنظرية العربية، وهاجس بعض النقاد والمطالعين للأدب، بضرورة أن نمتلك نظريةً نقدية عربية خالصة، وأنّ هذا هو الحل السحري لِما نعانيه من تأخر النقد وظهور عدد لا متناهٍ من الكتب، الرديء منها والجيد.. هل نحن بحاجةٍ لنظرية ومنهج عربيين؟
بالتأكيد نحن بحاجةٍ لذلك، ولكن مِن المؤسف أن نعلّق كل ما نلاقيه اليوم في الحقل الثقافي على شماعة النظرية الغربية.
ما للنظرية الغربية في النقد وصياغة جُملًا في نصوصٍ أدبية لا صياغة فيها ولا جمال؟ وها هو كاتبها عربيّ بلسانٍ عربيّ مبين!
ما للنظرية مثلًا وما لـ (موضة) نكتب نعم، نقرأ لا؟! وقِس على ذلك الكثير.
إني أرى ما قاله الدكتور النويهي في هذا الصدد على قدرٍ كبير من الصحة: "حمدًا لله حمدًا جزيلًا أن ليس في نقدنا الأدبي الحديث أصول -مفهومة بدرجةٍ كافية- للنقد الأدبي، وأنْ ليست هناك مناهج كذلك، تتبعها تلك الأصول. بل يا ليت ما هو موجود منها مفقود؛ فنحن لم نصل بعدُ إلى هذا الطور الذي نقف فيه فنستعرض نتيجة عملنا النقدي الأدبي العربي، قديمه وحديثه، فنحاول أن نستخلص منه الأصول، وأن نحدد المناهج. لم نصل إلى هذا الطور بعد، ولا أحسبنا سنصل إليه في أقل من قرنٍ آخر كامل، أربعة أجيال من النقد العلمي، يا حبّذا لو ظل نقدنا فيها (اجتهادًا) فلنترك لمن سيخلفنا بعد قرن من الدراسة الاجتهادية أن يقوموا هم باستخلاص الأصول وتحديد المناهج، ولا يغرينا أن الغربيين يفعلون ذلك الآن؛ فهُم لا يفعلونه إلا بعد ما يقرب من قرنين ظَلت فيهما معظم دراستهم الأدبية (اجتهادًا)" (5)
وربما مع غياب فكرة المنهج العربي، صنع بعض النقاد من الكتّاب الكبار والمتحققين منهجًا يُلجَأ إليه فتسمع جملة مثل (انظرْ كيف وصف محفوظ الحارة.) أو (انظر جمال القرية عند خيري شلبي).
ويذكّرني هذا بشيء كنت قد قرأته عن يوسف إدريس، يقول: "يبدو أن الكتّاب والشعراء ذوي الرسالة قد انتهوا في مصر بعد جيلنا، وأنّ هذا الجيل لم ينجِب أحدًا كبيرًا من الشعراء ولا من القصاصين" (6)
لا نستطيع أن ننكر ما فعله هؤلاء الكتّاب الكبار، ولكن ما أقف عنده هو فكرة أن تصنع مِن كاتبٍ بعينه منهجًا تعود إليه.
ولو افترضنا أننا امتلكنا منهجًا عربيًا خالصًا، أسيكون صالحًا للتطبيق على كل النصوص؟!
"الممارسات الحادثة في النقد العالمي الآن لا تفرض نموذجًا بعينه منهجًا، وإنما تعتمد أُطرًا عامة مثل القراءة الثقافية، وتحليل الخطاب، وهي المداخل التي تلتقي فيها مع النظرات النقدية العربية القديمة من جهة المعنى، ومعنى المعنى، والسياق والدلالة"(7)
"إن المنهج الذي يساعدنا على توسيع قاعدة ملاحظتنا للعمل الأدبي لدى تطبيقه عليه، لا بدّ أن يفسح المجال للتعديل في النظرية، وخصوصًا فيما يتصل بتحديد جنس العمل الأدب " (8)
لنقف قليلًا عند تحديد الجنس الأدبي، واحدة مِن إشكاليات النقد، والتي يقع فيها كثير من النقاد، وهي التعامل مع الجنس الأدبي بصرامة لا تسمح بها فكرة تداخل الأنواع في الكتابة مثلًا، فلقد تخلصت الفنون من تلك الحدود الفاصلة فصلًا يقتل النص أولًا، والإنسانَ الذي يكتب نتاج مدخلات مختلفة السمعية منها والبصرية وغيرها.
فترى ناقدًا ينظر لنصٍ ما على أنه ينتمي لمدرسةٍ معينة، وما يهمّه هو أن يبحث في هذا النص عمّا يناسب تلك المدرسة، بدلًا من أن يبحث في هذه المدرسة أو تلك عمّا يناسب ذلك النص.
"يميل النقد المعاصر إلى وصف جنس العمل الأدبي، وليس تحديده"(9)
هل يضر بصحة الكاتب أن يكون ناقدًا؟!
لا بدّ للمبدع أن يكون هو ذاته ناقدَ نصّه الأدبي؛ لأنه هو العين الأولى التي ترى عملَه، دعك من تلك اللحظة الشعورية التي تتفجر فيها الماورائيات من اللاوعي، وانظر لِما بعد لحظة الكتابة.
انظر للكاتب وهو ينقّح عمله، ويحذف جملة ويأتي بأخرى، أليس هو تبعًا لهذا الفعل ناقدًا؟
تراه يبحث عن مدققٍ لغوي فيرتاح لواحدٍ دون الآخر، أليس هو في ذلك ناقدًا؟ وسأترك لك المجال عزيزي القارئ في أن تعدّد نقدية المبدع من لحظة ما قبل الكتابة، وحتى يصعد منصةً ما ويختار عملًا دون الآخر ليلقيه، لتصل بنفسك وعن قناعة أن الناقد الأول للعمل الأدبي هو الكاتب نفسه،
نعم.. هنا سأتقبل منك هذا السؤال الدائر في رأسك الآن، وذاك الاعتراض أيضًا.
ليس كل الكتّاب مؤهلين لفعل ذلك، نعم هذه حقيقة، لكن لا بدّ أن يكون كل الكتّاب مؤهلين لفعل ذلك، لكننا هنا رهن ثقافةِ الكاتب ووعيِه وذوقِه.
الخاتمة والتوصيات
بالطبع لم تشمل القراءة كل مشكلات النقد الأدبي، إذ سبق وقلت إنّ الأمر أعمق من كونه عرضًا في مقالةٍ أو بحث، لكن ربما وضعنا بعضًا منها، أقصد مشكلات النقد، تحت الميكرسكوب، وبعدسةٍ مقعرة اقتربنا من واحدةٍ او اثنتين، ربما بدا وكأنها أجسامٌ متكسّرة حادة الجوانب، وربما فعلَ ذلك مَن سَبقنا، وسيفعل ذلك مَن سيأتي بعدنا، لكن علينا ألا نخشى الاقتراب من المرايا المتكسرة تلك؛ علينا أن نلامسها ونقترب منها، ونضعها على مقربةٍ من بعضها؛ لنرى الصورة أكثر قتامةً ربما، حتى وإنْ أدمت المرايا أيدينا وقلوبنا، وأرهقت عقولنا، فسوف يرى الباقون الصورةَ أكثر وضوحًا مستقبلًا.
●التوصيات
تصميم مجلة -إلكترونية مبدئيًا- تشمل محافظات إقليم جنوب الصعيد الثقافي، وتتلخص مهمتها في:
(1) متابعة الإصدارات الجديدة، وتقديم دراسة نقدية عن تلك الإصدارات.
(2) رفع مستوى الوعي النقدي لدى الكتّاب وشباب النقاد.
ـ
●المراجع
(1) جيروم ستولنيتز.النقد الفني دراسة جمالية وفلسفية.ت:فؤاد ذكريا.(الطبعة الأولى 1974.) (2023. مؤسسة هنداوي .ص18
(2) المرجع ذاته ص20
(3) النقاش.رجاء1954.في أزمة النقد العربي المعاصر.مجلة الآداب ، س2. ع11 . 8ــ10
(4)د/محمد النويهي.1949.ثقافة الناقد الأدبي.الطبعة الأولى.القاهرة.مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر.ص32
(5) د/محمد النويهي.1949.ثقافة الناقد الأدبي.الطبعة الأولى.القاهرة.مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر.ص60
(6) فياض،سليمان .1979.أزمة الشعر ومسؤولية النقد . مجلة الآداب س 27 ، ع 10 ، 75ــ77.
(7) الضبع، محمود . 2021.أزمة النقد الراهن والسؤال. فصول ، ع 16 ، 75ـ92
(8) الشمعة، خلدون.1972.أزمة المنهج في النقد العربي المعاصر . المعرفة .ع126 . 82_98
(9) المرجع ذاته
إرسال تعليق