جرعة أمل رضا مصطفى
بادئا يومي، كالمعتاد، بإطلالة جميلة من شرفتنا الواسعة العالية، في ذلك الصباح الباكر، مستمتعًا بمنظر المدينة قبل أن تبدأ ملحمتها اليومية الصاخبة، تتحول إلى غابة كثيفة، وطاحونة لا ترحم. كل صباح يوم جديد يوحي بالصفاء والتفاؤل، أسرح بخيالي في الأفق الأزرق الهادي، مستمتعًا بالنسمات اللطيفة المنعشة.
أحب هذا المكان، وأداوم على الوقوف فيه؛ إلى جوار شجرة ياسمين جميلة كان قد أهداني إياها صديقي الذي فاجأني بها عندما سمعني ذات يوم وأنا أتحدث عن جمال هذه الزهرة وعطرها الأخاذ الذي يأخذني إلى عالم آخر. جاء حاملا إياها في آنية فخارية قائلا، "كل سنة وانت طيب أليس اليوم عيد مولدك؟
"كل سنة وأنت طيب يا صديقي"، قُلتُ وأنا أحملها بشغف شديد وخصصت لها مكان في الشرفة ، ورحت أرعاها حتى بدأت ساقها تنمو وتستطيل وفروعها تقوى ، بعد أن كانت واهنة الساق بفرعين صغيرين، يبدوان كأصبعين يعطيان علامة النصر.
ذات يوم، وعلى غفلة مني، اصطدمت ساقي بأحد فروعها الصغيرة فانكسر؛ انكسر قلبي، ورحت أشهق بقوة شعرت بالألم والتشاؤم ولمت نفسي كثيرا،غبي أنا ،أحمق أنا ،لماذا لم أنتبه أكثر من ذلك؟
لوهلة فكرت أن أخفي جريمتي، وألقي بالفرع المكسور بعيدا خارج الشرفة، أحسست بالذنب وبخجل شديد لمت نفسي فأنا غير جدير بامتلاك الأشجار، ثم تراجعت عن الفكرة.
فلتبق مكانها وسوف أرعاها ،،وسأواصل ريها في مواعيدها المعتادة وإن كانت قادرة على البقاء فلتبق. وبعد فترة حدث ما زاد كآبتي لاحظت أن الفرع السليم في طريقه للذبول، وكأنه حزن على فراق أخيه بعد ما انكسر.
هذا الصباح، أبدأ يومي، كالمعتاد، بإطلالة من شرفتنا الواسعة.
يالله!! لقد بدأت الحياة تدب في الفرع المكسور. قُلت في نفسي بينما أكاد أطير من الفرح .."مع مرور الوقت سوف يستعيدان حيويتها وتنبت أوراقهما من جديد " الآن قد بزغ أمل جديد أطل منه على الدنيا.
إرسال تعليق